-A +A
أحمد عجب
بعد الإسفاف الذي مورس علينا كمشاهدين في آخر عشر سنوات، لم أعد ذلك المتابع الشغوف لما يطرح من برامج بشهر رمضان الكريم، غير أن الوقت الذي يعرض فيه مسلسل (سيلفي) على الشاشة الأكثر مشاهدة عربياً ومن بطولة الفنان الكبير ناصر القصبي، نجح في شد انتباهي إليه حتى تابعت بعضاً من حلقاته خلال الأسبوعين الماضيين، وقد وجدته مع مرور الأيام، أشبه ما يكون بالنسخة المطورة من (طاش ما طاش)، حيث إنه يظهر في حلقات اجتماعية كوميدية منفصلة مع وجود اختلافات بسيطة من أهمها غياب رفيق الدرب ومحاولة إبراز ممثل بديل يحاول جاهداً تخطي كافة مراحل الأدوار وكسب تعاطف المشاهدين معه !؟
حتى أكون منصفاً أود أن أقول بأن حلقتي (بيضة الشيطان) قد لامستا جرحا غائرا نستشعر آلامه الشديدة في كل حين على اعتبار أنه يسكن دول الجوار ويدور حول الحمى ويهدد مصير الإنسان، لقد أجاد المخرج أوس الشرقي من وجهة نظري عندما لم يلجأ إلى التعقيد في سرد الأحداث، حيث اعتمد الرؤية الواضحة والبساطة في التعبير إلى جانب الصورة الرائعة التي جاءت قفلة لهاتين الحلقتين، وهي الصورة التي لعبت دوراً جوهرياً في إخفاء بعض سقطات العمل وإيصال الفكرة الرئيسية، وسوف يطبع هذا المشهد الأخير في الأذهان مثله مثل مشهد شنق عمر المختار الذي لا يزال يعشعش في مخيلتنا منذ عقود مديدة !!

أقصد بالسقطات مع تقديري لفريق الكتاب، هي تلك المبالغة الزائدة في إظهار مشاعر السعادة لدى الشابين المغرر بهما وقد ركزت الأحداث على أنهما لقيا بالفعل راحة النفس والسعادة التي طالما بحثا عنها، وعلى قول أحدهما (دين ودنيا) فهناك إبراز غير مبرر لما أسمي بنكاح الجهاد، إضافة إلى طقوس الاستمتاع بعد كل معركة بالنساء السبايا، فضلا عن الثقة والحماية التي يتلقونها من الجماعة خاصة إذا ما كانوا في الأصل مطلوبين أمنيا من قبل دولهم، وزيادة على ذلك تأصيل الرغبة العارمة عند القيام بأي عملية انتحارية لنيل ما يعتقد بأنه شهادة، كل هذا يأتي بطابع فكاهي ومشوق للغاية، إنها أقرب ما تكون إلى الدعاية المجانية لهذا التنظيم خاصة أنه يجلس خلف الشاشات شباب عاقون أو مدمنون أو حتى متنطعون كل ما ينتظرونه توجيههم إلى طرق الصياعة الحديثة !!
بقية الحلقات التي شاهدتها من (سيلفي) يعيبها الإطالة في الطرح وكثيرا ما يغلبك النعاس بعد أن يتسرب إليك الملل وأنت تستمع إلى حوار عقيم بين فنانين دون أي معنى، إضافة إلى الاعتماد الواضح على الإغراءات المبطنة القائمة منذ الوهلة الأولى ولأهداف ترويجية على استثارة غيرة المتشددين الذين سرعان ما ينساقون وتنطلي عليهم الحيلة، لقد فرحنا للأمانة بهذا الإصدار الجديد، وقد شدنا كثيرا أسمه الرمزي، وعناوين حلقاته المثيرة، والأسماء الشهيرة التي تظهر على تتره، ولكننا بعد أكثر من حلقة شاهدناها نستطيع أن نقول بأن ما يحتويه (سيلفي) لا يختلف كثيرا عن تلك المشاهد المخلة أو المثيرة التي تتضمنها أشرطة الألعاب الإلكترونية الجديدة والتي أجبرت كل غيور ومربٍ فاضل على إنشاء نقاط جمركية وإدارة لضبط المصنفات الفنية على عتبات بيته حماية لأبنائه!؟