-A +A
عزيزة المانع
تناقلت الصحف خلال الأسبوع الماضي خبر استقالة مدير عام التربية والتعليم في منطقة الجوف الأستاذ عبدالحليم الصالح، من منصبه على إثر حادث انفجار انبوبة غاز في مقصف إحدى المدارس في منطقة الجوف. وكانت ردود فعل الناس حول هذا الخبر مختلفة، فمنهم من قدّر لهذا المسؤول اعترافه بتحمله مسؤولية ما حدث وعدم محاولته البحث عن أسباب ومبررات يلقي عليها باللائمة كما جرت العادة في مثل هذه الحالات، ومنهم من عد استقالته مجرد طلب للشهرة والظهور.

لقد انشغل الناس بالتعليق على خبر الاستقالة ونسوا الحدث نفسه، ربما لأن خبر الاستقالة أمر جديد على الثقافة العربية التي لم تألف أن يتنحى مسؤول عن منصبه اعترافاً بصدور تقصير منه!

لكن المسألة ليست مجرد استقالة مسؤول من منصبه بعد أن شعر بتأنيب الضمير فحمّل نفسه تبعة عدم اعتناء إدارته بتوفير أسباب السلامة في المدارس التابعة لإدارته. المسألة أكبر من هذا وأعم، هي تتعلق بمدى حرص وزارة التربية والتعليم على الالتزام بشروط السلامة في داخل مدارسها. هل الوزارة حريصة على تأمين السلامة في كل المدارس التابعة لها في كل المناطق، وأن حادثة مدرسة منطقة الجوف ليست سوى حالة استثنائية؟ هل هناك مختصون في أعمال الصيانة الروتينية يقومون بزيارات منتظمة للمدارس لتفقد احتياجاتها، وأن ما حدث في الجوف لم يعد أن يكون تقصيراً منفرداً من إدارة التعليم في المنطقة؟

إن كان الأمر كذلك فإنه فعلاً، تكون المسؤولية مسؤولية إدارة تعليم منطقة الجوف وحدها، ولكن ماذا إن لم يكن؟ ألا يعني هذا أن وزارة التربية والتعليم نفسها يقع عليها تبعة ما حدث؟ إن هذه ليست المرة الأولى أو الوحيدة التي تقع فيها حوادث مهلكة في المدارس، ومن لطف الله أن حادثة مدرسة الجوف وقعت أثناء خلو المدرسة من الطلاب والمعلمين، وإلا لكان لها ضحايا كما كان لغيرها من الحوادث السابقة. والناس مازالوا يتذكرون أولئك الأبرياء الذين ذهبوا ضحية الأبواب المتساقطة، أو عوارض الكرة المتهالكة، أو أولئك اللاتي قضت عليهن رعونة سائقي الحافلات المدرسية غير المدربين على اتباع أساليب السلامة. من المسؤول عن إزهاق تلك الأرواح البريئة إن لم تكن الوزارة؟

إن تأمين السلامة داخل المدرسة يأتي في الدرجة الأولى قبل التربية والتعليم، إلا أن كثيراً من المدارس الحكومية خاصة تلك الموجودة في القرى والأرياف والمناطق النائية مازالت تعاني من بؤس الحال والافتقار إلى كثير من شروط السلامة.

وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل محير حول دور الدفاع المدني في مثل هذه الأمور؟ ولم لا يتابع الدفاع المدني توفر شروط السلامة في المدارس كما يتابعها في الأسواق وفي المحلات التجارية؟ لم لا يمتد نشاطه ليشمل زيارات روتينية للمدارس للتأكد من توفر جميع شروط السلامة في مبانيها، والرفع كتابياً للجهات المختصة بما يجده من نقص واحتياجات لم تؤمن؟

إن تقدم مسؤول بطلب إعفائه من منصبه متى وقع حدث سيئ في إدارته، هو وإن كان يعبر عن الاعتراف بالتقصير إلا أنه ليس هو العلاج لمشكلات التقصير. فالهدف الإصلاح وليس الانتقام أو إيقاع العقوبة على المخطئ.