-A +A
أحمد عجب
يحكى أن قسم خدمة العملاء بشركة جنرال موتورز تلقى شكوى من أحد العملاء يقول فيها: لقد قمت مؤخرا بشراء سيارة جديدة من شركتكم ومنذ ذلك الحين أصبحت رحلاتي اليومية إلى السوبر ماركت لشراء الآيسكريم تمثل مشكلة، فقد لاحظت أنني عندما أشتري آيسكريم فانيليا وأعود للسيارة لا يعمل المحرك معي، أما إذا اشتريت أي نوع آيسكريم آخر تدور السيارة بصورة عادية، وصدقوني أنا جاد في ما أقول، وعندما قرأ رئيس الشركة شكواه أرسل أحد مهندسي الصيانة لمنزله، فأراد صاحب السيارة أن يثبت له صدق روايته، فأخذه للسوبر ماركت واشترى آيسكريم فانيليا، وعندما عادا للسيارة لم يدر محركها فتعجب المهندس، وقرر تكرار هذه التجربة ثلاثة ليال، وفى كل ليلة كان يختار نوع آيسكريم مختلفا وكان محرك السيارة يدور إلا مع الفانيليا!؟
رفض مهندس الصيانة تصديق ما يراه لأنه مناف للمنطق وبدأ في تكرار الرحلة للسوبر يوميا مع تسجيل ملاحظاته، السرعة والزمن والمسافة التي يقطعها والشوارع التي يمر منها وكمية الوقود بالسيارة وكل معلومة تتعلق بالرحلة، وبعد تحليل البيانات التي جمعها وجد أن شراء آيسكريم الفانيليا يستغرق وقتا أقل من شراء أي نوع آخر، وذلك لأن قسم بيعه في السوبر يقع في المقدمة كما توجد كميات كبيرة منه لأنه النوع المفضل للزبائن، أما باقي أنواع الآيس كريم فتقع في الجهة الخلفية من السوبر وبالتالي تستغرق وقتا أطول في شرائها، وهنا اقترب مهندس الصيانة من حل ومعالجة المشكلة وهي أن السيارة لا تدور مرة أخرى بعد وقف محركها لفترة قصيرة أي أن الموضوع لا يتعلق بنوع الآيسكريم وإنما بالمدة التي يستريح فيها المحرك والذي يحتاج لوقت طويل ليبرد حتى يمكن إعادة تشغيله من جديد!!

في الحقيقة كم هو محظوظ هذا العميل، لأن شكواه وقعت بيد مدير مسؤول يؤدي عمله بكل حرص وتفان، ولو أنها وقعت بيد واحد من ربعنا، كان اهملها ولم يلق لها بالا، وإذا لم يجد مخرجا من النظر فيها طلع لنا بتصريح غريب يقول فيه (ثقافة العميل سبب أزمة الموتور) يعني حبكت يشتري آيسكريم بالفانيليا وش فيها نكهة المانجو حلوة وخفيفة، أما لو اضطر بعد ذلك (ونشب له العميل نشبه) فإنه سيكلف أحد الموظفين (الذين يجدونها فرصة للبزوطة) ليذهب ويستطلع الأمر بمقر العميل، وفيما لو حضر الموظف بعد مدة ووقف على المشكلة وتأكد من صحة الشكوى، فإن ذكاءه الفطري سيقوده إلى التوصية بمخاطبة الشركة المطورة للآيسكريم لدراسة إمكانية استحداث خيارات جديدة لمنتجاتها، تكون أقل تركيزا من الفانيليا وفي متناول أكبر شريحة من المواطنين!!
المعنيون بالإسكان لدينا (على سبيل المثال) دائما ما يتبنون أي أسباب يعلق عليها توقف قائمة انتظار القروض السكنية حتى وإن كانت بعيدة كليا عن المنطق، المهم انها لا تقلل من جهودهم ولا تمس منتجاتهم، إلا أن المجتمع اقترب مؤخرا من تحليل المشكلة، وهي أن هذه الجهة لا تدور مرة أخرى بعد وقف محركها فترة قصيرة، وأن أزمة الإسكان لا تتعلق بنوع أو مساحة الفيلا التي يفضلها المواطن، وإنما تعود للمدة التي يستريح فيها محرك الجهة، والذي يعاني عطلا مزمنا فقد اعتاد أن يمنح سنوات طويلة من الدراسات والأبحاث حتى يبرد ثم يمكن اعادة تشغيله من جديد!؟
تويتر @Ahmed Ajab