-A +A
محمد الرطيان
الإسلام بأوامره وشعائره: قيمة ومضمون.. وليس شكلا فقط.
عندما يقول لنا نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه (تبسمك في وجه أخيك صدقة) هذا يعني أن «الابتسامة» من الموظف، وبين الناس في الشارع، يجب أن تتحول إلى ثقافة. ما فائدة أن تردد هذا الحديث وأنت متجهم؟!

لماذا نحافظ على (الشكل) وننسى (المضمون)؟
لماذا نحفظ (النص) ولا نحافظ على (التطبيق)؟
من الذي حول الإسلام/ الثقافة/ الحضارة إلى «شكل» فقط؟
على سبيل المثال: كيف تحول «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» إلى مطاردة سيارة مراهق، ومداهمة مصنع خمور؟
رجل المرور عندما يُوقف سيارة المراهق المتجاوز ويخالفه، ألا يعني هذا أنه يأمر بمعروف وينهى عن منكر؟ هل يحتاج الأمر لهيئة لها «هيئة» مختلفة حتى أؤمن بدورها في حمايتنا من شكل من أشكال المنكرات؟!
يجب أن يتحول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من «جهاز» إلى ثقافة:
لا أريد أن أرى مداهمة لوكر ما باسم الهيئة.. هذا عمل جهاز اسمه مكافحة المخدرات.
لا نريد أن نرى مطاردة في شوارعنا يقودها جمس الهيئة.. هذا عمل المرور.
لا نريد أن نرى «شابا» يدعي أنه محتسب ليحدد لي في معرض الكتاب ما الذي يجب أن أقرأه.. فالمتجاوز من الكتب -وخاصة على الثوابت- هناك جهاز في وزارة الثقافة كفيل بمنعه.. رغم تحفظي على ذلك.
رجل المرور، وعسكري مكافحة المخدرات، وموظف وزارة الثقافة والإعلام: جميعهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
كل جهاز ومؤسسة في الدولة -من المفترض- أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فلماذا تتحول هذه «الثقافة» إلى مجرد «جهاز» كثير الأخطاء، وأي نقد له ولأخطائه يجعلك تشعر أنك دخلت في المحظور!
من الذي يمنح «الهيئة» هذه الهيبة والقداسة، ولا يمنحها -على سبيل المثال- لوزارة الصحة أو التعليم، وكلاهما يجب أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟!
ما الذي يجعل «الهيئة» - ومعها ثقافة النهي عن المنكر - تقف عند التفاصيل الصغيرة؟
أليست محاربة الفساد واللصوص ونهاب المال العام: هي نهي عن منكر؟
أليس تشريع قانون ضد التحرش بالنساء: هو أمر بمعروف؟
أليست محاربة الواسطة، وعدم إتاحة الفرص المتساوية لكل الناس: هي نهي عن منكر؟
أليست المطالبة بمنح الناس حقوقهم: هو أمر بمعروف؟
أليست كتابة مقال مثل هذا المقال: هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر؟
لماذا نهتم بالشكل وننسى المضمون الأهم؟
نحن لا نحتاج إلى «هيئة».. نحتاج إلى مؤسسات وقوانين تأمر بـ «كل» معروف وتنهى عن «كل» منكر، وتعاقب مرتكبه «كائنا من كان»!