-A +A
فؤاد مصطفى عزب
تقوم الجامعات الأمريكية من حين لآخر بتوجيه دعوة لخريجيها القدماء الذين تميزوا في الحياة للتحدث للطلبة ومشاركة الدارسين تجربتهم الذاتية وهذا النظام يقوم بتنفيذه (مكتب الخريجين) هذا المكتب الذي يهتم بالخريج منذ تخرجه فهو الذي يساعده في البحث عن وظيفة وهو الذي يسجل تقدمه في الحياة وهذا المكتب هو الذي يحتفي بالوجه الاجتماعي اللامع والقائد الإداري الفذ والمهندس المتمكن والطبيب البارع الذي تخرج من الجامعة كصورة مضيئة لما تنتجه مصانع الرجال وهو الذي يستنفر القاصي والداني للتبرع في إنشاء معمل أو توسعة مكتبة أو إضافة جناح في مستشفى تعليمي أو تدعيم نشر كتاب أو بحث... ولقد كان لي شرف التحدث لهؤلاء الطلبة عن نجاح وفشل المستشفيات في العالم الثالث في القرن الواحد والعشرين «من وجهة نظري العملية» حيث إن الدعوة كانت تنص على نقل ما حصدته من تجربتك العملية وكان رأيي أن المستشفيات الخاصة في العالم الثالث لابد أن تسعى إلى التركيز على تخصص أو أكثر تنفرد به دون سواه وأن تقدم بقية الخدمات وفق المواصفات والأساليب المعترف بها وشرحت كيف يتم ذلك بأن يختار المستشفى أو المركز ووفق استطلاع مهني احترافي بعد أن تستقيم الحقائق وتتوفر المعلومات الصحيحة، ما هو ضعيف من التخصصات في سوق الخدمات الصحية في المنطقة التي تكون فيها وتتبناه وتبرع فيه وتطوره وتستقطب كل من هو كفء في هذا التخصص وتحتوي كل جديد وعصري في هذا الحقل وطرحت عليهم سؤالاً.. كان السؤال هو هل يستطيع مستشفى تحديد ما سيقدمه دون دراسة احتياجات المجتمع المحيط به!! أن تحديد الاحتياجات هو في الواقع تحديد التخصص الذي تريد التميز فيه وبالتالي تحديد هوية المستشفى وهذا التحديد هو الذي يجعل للمستشفى كياناً رائداً في المجال الصحي فهذا الاختيار هو الذي يدخل به أي مستشفى السباق والتنافس لأشرف نشاط إنساني على وجه الأرض وبالتالي كسب ثقة المريض عن طريق تقديم خدمة متميزة وبهذه الميزة يمكنك أن تدير السباق.. وأوضحت لهم كيف أن الأساليب التقليدية القديمة في السيطرة على سوق الخدمات الصحية انتهت في هذا القرن.. قرن تخصص التخصص!! لا يمكنك أن تكون الأفضل في كل شيء!! وضربت لهم أمثلة عن المستشفيات التي ظلت تقدم خدمات حيادية وكيف أن بعض إدارات هذه المستشفيات فشلت في التعرف على حاجة المريض وبالتالي فشلت في التعرف على أصول وقواعد تقديم الخدمة بشكلها المتقدم.. «التاريخ يعلمنا أن الشيء الوحيد الذي ينجح هو حاجة الناس».. أوضحت لهم أيضاً أن القطاع أصبح مشبعاً بالخدمات المتشابهة في الشكل والصنف وأن نجاح أي مستشفى في الوقت الحاضر أو فشله يعتمد على التميز والريادة فالمريض السعودي أصبح الآن مريضاً مثقفاً على درجة عالية من الوعي يعرف تماماً نتيجة ما يحصل عليه وهذا الأمر لابد أن يكون في ثقافة المستشفى ورؤيته وأهدافه ومبادئه الأساسية وإلا أصبح مستشفى آخر يطل على المجهول!!