-A +A
مها الشهري
كنا نتساءل في الماضي هل كان ولا بد من حدوث كارثة تلزم المسؤول بالتحرك نحو إصلاح التعثر الإداري في منظومة يتولى مسؤوليتها، ولماذا لا يأتي العمل على الوقاية من وقوع الكوارث حفاظا على أرواح الناس في أسوأ الأحداث، فضلا على أهمية الحفاظ على المنجزات والبنى التحتية التي تقدر تكاليفها بمليارات الريالات.
كانت السلطة المطلقة لدى البعض من المسؤولين لا تمنعه من التخاذل والبعد عن المسؤولية والاهتمام في القيام على التطوير وإيجاد الآلية الكفيلة بتنفيذها، أو البحث في السبل لإحداث الفرق فيما يمكن أن يحسب لتاريخه المهني من تصحيح الأداء وزيادة الإنتاج وحسن الإدارة وتأدية الأمانة، وهذا ما كان يبدو لنا من تجاهل الكثير من الجهات في تنفيذ المشاريع اللازمة للتنمية والعمل بجدية عليها، ورغم كثرة الاجتماعات والسفريات وانعقاد المجالس إلا أن المواطن يشكو من نقص الخدمة وصعوبة الوصول إليها.

كان بإمكان المسؤول أن يغلق الملف لقضية ما لا يرى منها جدوى من وجهة نظره، في حين لم تكن المصلحة العامة في الحسبان، فهو لا يحمل نفسه عناء الإلمام بما يحتاجه المواطنون، فيما أن المفترض أن يكون تحديد الجدوى من قبل المنتفع منها ومن تلبي حاجته، وليس المسؤول الذي لا تتجاوز مهمته التنفيذ، لأن ما يريده المسؤول لنفسه ليست كالمسؤولية تجاه مصالح الناس التي تقتضي بالضرورة أن ينظر بعين الاعتبار إلى ما ينقصهم من الاحتياجات.
في خطوة فريدة من نوعها جاءت بعض التقارير المكتوبة تفيد بوجود عامل مهم ضمن الخطة الإستراتيجية لبرنامج التحول الوطني، وهو قراءة المؤشرات وتقييم الأداء للوزراء والمسؤولين، ومن الصعب أن نحكم على أي عمل دون أن نرى نتائجه، ولكن هذا الأمر يلزم المسؤول بالتحول من فكرة التمركز حول الذات إلى أهمية الدور والعمل الوطني، لأننا نحتاج لمزيد من العقلانية ومنطقية التفكير والعمل الإداري بالطريقة التي تخلصنا من المشكلات التي تعيق الإصلاح، فالمشكلة لدينا ليست في الثروات والموارد إنما في سوء الإدارة.
إن اعتراف المسؤول بتحمله للمسؤولية في مثل حادثة جازان وفي غيرها هي الخطوة الأولى والهامة التي تساهم في التغيير من التصورات السلبية وتحد من المشكلات السلوكية والمعرفية في تعامل الناس مع شخص المسؤول، فتصبح نظرة التعامل مع كفاءته أو تقصيره، وبالتالي يأخذ المسؤول اعتبار الدور الذي ينبغي أن يكون فاعلا فيه من خلال مكانته الوظيفية، أي أن الوظيفة مهما بلغت في المرتبة إلا أنها تعتبر تكليفا أكثر من كونها تشريفا.
نحن بحاجة للتعامل مع المسؤول والنظرة إليه بطرق مختلفة لعله يجد ذاته ويستطيع العمل، لأن تعظيم دور المسؤول بلا منجزات كان سببا في التعثر التنموي، ولأن التحفيز الإيجابي يمنح الفرصة التي يرى المسؤول نفسه فيها أمام اختبار حقيقي يقدم فيه التفاني للخدمة بكل الإمكانات والخبرات والمؤهلات التي لديه.