-A +A
هاني الظاهري
جاءت تصريحات سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في اللقاء المثير الذي أجرته معه «ذي إيكونوميست» أخيرا كعمليات إبطال ألغام وجهت رسالة واضحة للعالم فحواها أن «السعودية ستظل قوة إقليمية عظمى سياسيا واقتصاديا مهما اهتزت أسواق النفط أو اضطربت المنطقة؛ لأنها بكل بساطة تحمل مشروعا عظيما ومقدرات أعظم من براميل النفط الخام».
ليس من السهل أن يتجاوز كثير من السياسيين والقادة ألغام اللقاءات الصحافية مع صحيفة عريقة مثل «ذي إيكونوميست» التي يبدو أنها أيضا لم تكن تتصور أن اللقاء سينتهي إلى نتيجة تطمئن العالم أجمع على أن المملكة أقوى من تحديات المرحلة وقادرة على تجاوز ما هو أشد منها.
قبل اللقاء ذهبت بعض التحليلات السياسية إلى قرب نشوب أكبر حرب في المنطقة، على خلفية قطع السعودية علاقاتها الدبلوماسية بإيران، لكن الأمير محمد بن سلمان بعبارات مختصرة وواضحة قطع كل التخرصات التي تسير بهذا الاتجاه عندما أكد أن القيادة السعودية لن تسمح بدخول المنطقة في كارثة، مشيرا إلى أن من يدفع بهذا الاتجاه لا يملك رجاحة العقل، وقد أبطل بهذه الإجابة لغما صحفيا استهدف تصعيدا جديدا يصب الزيت على نار المنطقة الآخذة في الاشتعال قبل ذلك.
«نحن دولة مؤسسات» عبارة لم تتوقعها «ذي إيكونوميست» من الأمير عندما سألته عن عمليات السعودية في اليمن معتمدة على ما يروج في الصحافة الغربية من كون قرار الحرب على الانقلابيين الحوثيين قراراً فردياً وغير مدروس، إذ قدمت الإجابة المبررات السياسية المنطقية التي يتعمد خصوم السعودية إغماض أعينهم عنها ويجهلها غيرهم.. قال الأمير بكل وضوح وشفافية إن المملكة دولة مؤسسات وقرار العمليات في اليمن مرتبط بوزارة الخارجية ووزارة الدفاع والاستخبارات ومجلس الوزراء ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، وكل ذلك متوج بموافقة وتوجيه الملك، موضحا أنه لا توجد دولة في العالم مستعدة لأن يربض بقرب حدودها تنظيم مسلح يملك طائرات وصواريخ، ويتعامل باستهتار مع قرارات مجلس الأمن ويهدد فوق ذلك مصالحها الوطنية، والأمير بهذه الكلمات قدم درسا سياسيا قصيرا لا إجابة سؤال فقط.
حديث الأمير محمد بن سلمان عن متانة الاقتصاد السعودي وخارطة تحولاته المستقبلية كان حجر الزاوية في اللقاء الذي شكل مادة في غاية الأهمية لنشرات الأخبار الاقتصادية حول العالم يومها، إذ جاء في الوقت المناسب تماما (بعد أيام قليلة من إقرار الموازنة) وتزامنا مع ارتفاع نسبة التشاؤم بين المحللين الاقتصاديين وهبوط سوق الأسهم السعودية بنسبة بلغت نحو 6 في المئة خلال يومين سبقا اللقاء، ولعلها المرة الأولى في التاريخ التي يتردد فيها اسم الصحيفة العريقة «ذي إيكونوميست» بهذه الكثافة في مجالس السعوديين، مباهين بأن اقتصادهم عصي على الأزمات، ومطمئنين بما كشفه الأمير من كون بلادهم أبعد ما تكون عن مواجهة أي أزمة اقتصادية خانقة مثل تلك التي مرت بها في الثمانينات والتسعينات، وأن السياسة الاقتصادية السعودية تسير باتجاه إدخال أصول جديدة إلى خزينة الدولة تتجاوز 400 مليار دولار خلال الفترة القادمة.
الأكيد أن تصريحات الأمير محمد بن سلمان التي أبطلت ألغام «ذي إيكونوميست» حملت في الوقت ذاته ملامح السعودية الجديدة.. دولة المستقبل الذي طال انتظاره.


c@news-sa.com