-A +A
هاني الظاهري
ليست دولة لبنان من امتنعت عن التصويت على قرار إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية المجمع عليه تحت قبة جامعة الدول العربية أخيراً، بل الممتنع «حارة حريك» التي ابتلعت لبنان وباتت تمثله سياسياً في زمن أصبح فيه المواطن اللبناني لايخاطب السياسيين في بلاده إلا بالعبارة الشهيرة «فاحت ريحتكم».
و«حارة حريك» لمن لا يعرفها هي جزء من الضاحية الجنوبية يعد المقر الرئيس لأمين عام حزب الله «حسن نصر الله» الذي يلقبه اللبنانيون الرافضون لاختطاف دولتهم بـ «حسن زميرة» كما يقيم في هذه الحارة بشكل دائم بعض أشهر قيادات الحزب، ومنها تنطلق عملياته.
لـ «حارة حريك» حكاية منسية مشابهة إلى حد كبير لحكاية لبنان الذي يلعب به صبية طهران العرب منذ سنوات، فقد كانت قديما سكنا يخص بعض المزارعين المسيحيين النازحين من «كسروان»، ثم انتقل إليها عدد من اللبنانيين الشيعة بحثا عن العمل والتجارة وشكلوا أقلية مسالمة داخلها حتى اندلعت الحرب اللبنانية الأهلية فتم تهجير معظم المسيحيين منها، واستقبلت النازحين الشيعة من الجنوب إثر الاجتياح الإسرائيلي لتتغير تركيبتها الديموغرافية منذ ذلك التاريخ، أما اليوم فمعظم سكان حارة حريك من الموالين لحزب الله، وباتت مقر صنع القرار السياسي بعد تغول اليد الإيرانية بإرهاب السلاح على جميع الطوائف اللبنانية.
السعودية من أكثر الدول وقوفاً مع لبنان ودعماً له في الأزمات الكبرى التي واجهها طوال العقود الماضية، ولطالما احتفظ اللبنانيون الشرفاء ومازالوا بالامتنان للرياض، لكنهم اليوم يقفون عاجزين أمام اختطاف بلادهم من قبل إيران التي عطلت العملية السياسية فيها تماما وأوجدت دولة «اللا رئيس» بواسطة ذراعها الإرهابي في حارة حريك، وحولت فوق ذلك لبنان من أجمل دولة سياحية في العالم العربي كانت توصف بـ «سويسرا الشرق» إلى أكبر «مقلب نفايات» في هذا الكوكب.
الواقع يقول إن الشعب اللبناني يعاني من الاحتلال الإيراني حاليا، وهو بحاجة ماسة لوقوف الدول العربية معه لمساعدته على الخروج من هذه الأزمة التاريخية، ويبدأ ذلك بالطبع من الدفع باتجاه تفعيل العملية السياسية لانتخاب رئيس قوي قادر على جمع اللبنانيين حوله لتخليص بلادهم من هذا الاحتلال الأسود، والفرصة لذلك مواتية حالياً في ظل غرق الذراع الإيرانية «حزب الله» في المستنقع السوري، إضافة إلى الاحتقان الشعبي من محاولات الحزب جر لبنان وإغراقه في بحيرات دم وثأر لا ناقة للبنانيين فيها ولا جمل.
إخراج لبنان من بطن «حارة حريك» بلا شك مهمة اللبنانيين أنفسهم لكن دعمهم في هذه العملية هو المطلوب من أشقائهم العرب، وهذا يعني أن لا يتخذ السياسي العربي موقفاً عدائيا من لبنان بشكل عام، أو أن يعتبره في عداد المتوفين، بل يعامله كمريض يقاوم مرضه ويحتاج لرعاية خاصة موجهة بشكل جيد لإنقاذه وعودته إلى الصف العربي فارساً عربياً أصيلاً لا خادماً لسيد إيراني مهووس، وخنجراً مسموماً يهدد خاصرة أهله.


c@news-sa.com