-A +A
مها الشهري
في عام 2013 كان معدل القضايا التي تتلقاها المحاكم في السعودية هي قضايا أسرية وأحوال شخصية بلغت 60 بالمائة، ووصلت إلى نسبة 65 بالمائة بمرور عامين فقط في نهاية 2015، وارتفاع المعدل يدل على تزايد المشكلات الاجتماعية الناتجة عن الانقسام والتراتبية وخضوع فئة إلى أخرى في نظام العلاقات الشخصية، فالتمايز في المجتمع السعودي أفرز أشكالا من صور المعاناة التي تطال النساء والأطفال بشكل كبير، والحالة تستوجب التدخل القانوني والتقنين في الأحكام لتنظيم التعاملات فيما يخص هذه المسائل.
تتجه وزارة الداخلية ممثلة في وكالة الأحوال المدنية إلى إصدار نسخة من سجل الأسرة (بطاقة العائلة) للمرأة المطلقة والأرملة بصورة مستقلة عن التي يمتلكها رب الأسرة بهدف حفظ حقوقها وتمكينها من إكمال إجراءاتها القانونية، وهي خطوة إيجابية لا نبخسها حقها من الأهمية إلا أنه ينقصها الكثير، فكان من المفترض أن يأتي النظر إلى حالة المرأة من خلال قائمة عريضة من المعوقات والتعقيدات والمشكلات التي تواجهها بشكل عام، فنجد أن التخصيص للحالات المذكورة يغفل حالات لا تقل عنها أهمية، حيث إن بعض السيدات المتزوجات يتمتعن بعلاقات زوجية قائمة ولكنهن يعانين من التعسف، مما يعني أن ارتباط المرأة بالزواج ليس ناجحا في كل الأحوال، إضافة إلى أنها قد تكون متزوجة وتحضن أطفالها من زوج سابق، وغير ذلك الكثير من الحالات التي تبقيها في حالة التبعية لمزاجية شخص غير خاضع لتربوية النظام، لذلك فمن المفترض أن تمنح المرأة حقها النظامي الذي يعترف بأهليتها بالشكل الطبيعي والتلقائي الذي يحظى به الرجل.

النزاعات حول تبعات الطلاق كالنفقة وحضانة الأطفال يبقى حلها للجهات المختصة، لكن ارتفاع معدلات الطلاق والشكايات والخصومة في المحاكم وصلت إلى مستوى عال يتطلب إعادة النظر إلى ضرورة تعديل نظام الأحوال الشخصية والتقنين في الأحكام بالطريقة التي تمنح المرأة الحق في التمتع بالمكانة اللائقة بها في المساواة الإنسانية، أي أن لها مثل الذي عليها من الحقوق والواجبات، ولذلك يجب أن يحفظ النظام للمرأة كرامتها التي تحميها من تعسف النظرة الدونية والذكورية، بالتالي سيكف الرجل عن التمنن والتعالي بأخلاقه عليها وسيتقبل أن ينظر للمرأة بعين الندية بالشكل الذي يغير من أشكال التعاملات، في الوقت الذي سيجد فيه الرجال والنساء خيارا يقتضي أن التعاون بينهم في تأدية مهام محددة هو الحل الأسلم والأضمن لبقاء المجتمع.