-A +A
مها الشهري
للرأي العام أهمية وتأثير بالغ في صناعة القرار، وهو جزء لا يتجزأ من العمل السياسي لدى الكثير من الدول التي تحظى بالانسجام مع شعوبها، على اعتبار الرأي العام محصلة الآراء والأفكار المجتمعية التي تخضع للدراسات الدورية من خلال القياس والاستطلاع، وقيام الحكومات على هذا الشأن يفسر الحالة الصحية للعلاقة بين السلطة والشعب من مبدأ المشاركة المتبادلة في صناعة القرار.
غياب هذا العامل يغفل دوره الهام والفاعل في تطوير القرارات والخطط التنموية والاستراتيجية، حيث يشكل الاستطلاع أهمية بالغة في فهم الجماهير، فهو يعكس صورة صادقة نسبيا عن أحاسيس الناس ومشاعرهم، والوقوف على مؤشراته يعطي التوجيه الصحيح لصانع القرار في أي شأن سواء الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، وهذا يعني أن قياس الرأي لأفراد المجتمع يساعد في اتخاذ القرار المناسب تجنبا للصدامية والرفض الشعبي الناتج عن تبعات القرار، وهذا ما أسهم في نجاح وتقدم النظم في الدول الغربية، إذ أنها تولي قياس الرأي العام والاستطلاع إليه أهمية بالغة، تكمن فاعليتها وقيمتها إلى جانب الحرية والديموقراطية.
بعد الانفتاح الثقافي والفكري المتزامن مع التزايد السكاني والنزوح إلى الحياة المدنية تعقدت الحياة الاجتماعية وكثرت متطلباتها، وأتت أهمية التعرف على الرأي العام كطريقة مساهمة في خدمة المجتمع وتلبية احتياجاته، وهذا يصور أهمية الفهم للهندسة الاجتماعية وبناء القرارات عليها، حيث إن رأي الإنسان هو نتاج علاقته مع الدولة والمؤسسات وتفاعله مع محيطه الاجتماعي.
وسائل الاتصال الافتراضية تعتبر مكانا للتنفيس ولها بعد آخر غير واقعي لا يمكن اعتبارها مقياسا حقيقيا للرأي ومن الصعب الاستناد إليها والتفاعل معها كعامل وحيد، فلا بد من إيجاد البديل في إنشاء وتطوير مراكز القياس واستطلاعات الرأي ودعمها بالمختصين في العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بل إن الضرورة ملحة للتعرف على توجهات المواطنين ومستوى الرضا المجتمعي في قضية ما، هذا إذا أرادت الأنظمة أن تستمد قوتها من الرأي الشعبي، والأمر يهدف إلى الاسترشاد برأي العامة ليشعر المجتمع بأهميته، مما يسهل تهيئته لتقبل الأفكار الجديدة التي تصب في مصلحة التنمية الفكرية والمجتمعية، إضافة إلى قدرتها على تحقيق التكيف الإنساني واللازم الذي أصبح ضرورة من ضروريات المجتمعات الحديثة، من خلال غرس ودعم المسؤولية الاجتماعية، للتغلب على العقبات المعيقة لمصلحة المجتمع.

Twitter: alshehri_maha