-A +A
مها الشهري
مصابنا في الأحساء يمثل إصابة جزء من جسدنا الوطني بالوصف الذي ينبغي أن نتألم له جميعا، والموقف يستجدي حضور العقلاء، فمازال الأعداء يستهدفون أمن المسلمين وينتهكون حرماتهم، ويدفعون بدمائهم من أجل توسيع دائرة الفوضى واستغلال التوتر الطائفي الذي يجتاح المنطقة، حينما أخذ التوتر يشكل ثغرة تسهل للأعداء اللعب على أوراقها وإثارة نزعاتها مع كل حدث، إزاء عقليات جاهلة ومؤدلجة باعت شرفها وضميرها ودينها، وكانت أداة سهلة تعمل للمصالح المعادية للوطن.
إذا كنا سنتساءل عن الجهة المستفيدة من حدوث الجريمة وتفشيها في مجتمعنا، فلا شك أنها تنظيمات شاذة تتعاون وتعتبر أن نسبة أي ممارسة ذات شذوذ أخلاقي إليها رفعة من شأنها، ولا شك أن التطرف أحد مكوناتها الأساسية، فهي تمارس الإرهاب وتتجرأ على حرمة المسلم وانتهاكها حتى في بيوت الله ظنا بأنه السبيل الذي تستطيع به السيطرة، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة أمنية ووطنية تعمل على إدارة الصراع وسد جميع الثغرات التي يستخدمها الأعداء للتغلغل بيننا، فلن نثير أطماعهم إذا أصبحنا يدا واحدة.
لم يكن الطموح إلى الوحدة الشعبية والوطنية بمعزل عن النزعات الطائفية وحركات الانشقاق والتفرقة التي تغلغلت في مفاصل البناء الاجتماعي، فأصبح كل حدث عارض في المجتمعات العربية يبرز وجهها السيئ بين الأفراد والجماعات على مسرح الأحداث، خاصة إذا أقحم النزاع المذهبي عمدا في التوجهات السياسية، كورقة رابحة تطرح في كل مرة على طاولة التصارع السياسي.
نشهد -ومع كل اختلاف- بروز الوجه الأكثر سوءا، استحضار قالب التصنيف المعد مسبقا تبعا للمعتقد أو الفكر أو تعاكس المصالح، وحين يفتقر المجتمع إلى أدبيات الحوار، سنجد أن المواقف تزج عنوة في نفايات الطائفية والنزاعات والفوضى والقتل على المشهد الاجتماعي، وهذا الانقسام يحدث رغم تفاوت المطالب والاحتياجات ومدى عمقها الجماهيري، ولو أن كل فرد عربي لديه جيش أو ميليشيا يدفعها ضد الآخر مع كل اختلاف، لأصبح الاقتتال سنّة عربية، في هذه الحالة نحن لسنا بحاجة إلى أسلمة الإصلاح الفكري والعراك بين أنواع المنطق والمبادئ التي تتصادم بها التيارات الفكرية، فالوقت مازال في أيدينا ونملك الفرص لتغيير هذا الواقع المظلم حتى لا تتفاقم المشكلة، بل إن العمل للمستقبل والأجيال القادمة والوحدة الوطنية هو الحل الأسلم للحد من مشكلاتنا اليوم وصناعة مستقبل أفضل وأكثر إشراقا.

maha3alshehri@gmail.com