-A +A
مها الشهري
قد يتصرف الإنسان بطريقة سلبية ولكن حينما يفسرها له أحد سينكر ويغضب، هو بالأحرى يصطدم مع ذاته في هذه الحالة، لأنه لا يحاكم نفسه دائما، ولا يحاسبها حول الطريقة التي يفكر بها ولا يتساءل عن دوافع التصرفات التي يفعلها، ذلك هو الجانب المظلم من كل منا، فكل شخص لديه جوانب يراها وأخرى لا يراها، بينما يدركها فيه الآخرون.
بعض السلوكيات تكون مقبولة ما دامت عشوائية لا تخضع لتأطير كاريزمي معرفي تؤديه وظيفة المصطلح، وما حدث قبل أيام حين قال أحد الدعاة إن «المرأة عار» بشكل صريح، فقد عبر بها عن مبدئه من جانب، لكنه فسر الكثير من الحيثيات التي تعيش في العقل الاجتماعي، وصرح بالصورة التي لا يحب المجتمع أن يرى نفسه فيها، مما أدى إلى مقابلة رأيه بهجوم مضمونه الاستنكار، بينما الغالبية لا يحيدون في تصرفاتهم عن ما يقتضيه المعنى الضمني للكلمة.

إنه مرض تظهر أعراضه مع تعدد المواقف واختلاف مجالات النزاع بين الرجال والنساء، ثم تطفو على السطح في كثير من الصور والمشاهد التي نصنفها ضمن مشكلاتنا الاجتماعية، فكم من الرجال في مجتمعنا يعانون من اضطراب نفسي يهاجم استقرارهم العاطفي إزاء المرأة، وكم نسمع عن نساء ضحايا يعانين جراء ذلك أنواع التضييق المعيشي.
هي ليست ثقافة فقط، إنما توضع من ضمن أساليب الضبط الاجتماعي وقواعد تنظيم السلوك، فالمجتمع يعامل المرأة بالدرجة الأدنى ويجعل الرجل سيدا عليها في كل شيء، ويلقن قيم العيب والعار في التنشئة الاجتماعية والمنطق العام، والمسألة تقتضي ضرورة وجود الرجل كالمشرف على تحركات المرأة، والموكل بالوضع التلقائي للتفكير بدلا عنها واتخاذ قراراتها وتحديد احتياجاتها، إضافة إلى أنها تعامل كعبء يتقاذف همه الرجال وولاة الأمر باختلاف الصفة، وذلك في معنى مقولة الشيخ الداعية المأثورة «من يتزوج ابنتك فله الفضل»، مما يعني أن المرأة تعاني من النظرة الاتهامية، في حين أن الوصاية عليها لا تؤخذ بمفهوم العناية والرعاية بقدر ما تدفعها نظرة التجريم.
من الجيد لو يراقب أكثر الرجال أنفسهم، فالرجل السليم من هذا البلاء يعد نعمة من السماء على أهل بيته ومجتمعه.