-A +A
مها الشهري
طالما ظهر لدينا الوجه الآخر لما يسميه البعض بالذئاب البشرية في مشاهد الاحتساب التي تمارس ضد الإنسان والمجتمع، لكان الوصف قابلا للإلصاق على شخصية المحتسب، وقد لا يرى البعض ذلك كون المحتسب يلبس عباءة المتدين التي تخوله للتعامل مع النساء واصطيادهن كمخالفات أو مرتكبات للجريمة، كذلك هو يتمكن من لمس المرأة وتعنيفها ورميها حتى لو أدى الأمر إلى انكشاف جسدها، يلاحقها كالفريسة ثم يقول «حاميها حراميها» إنه أحرص عليها من الآخرين.
حادثة فتاة مجمع النخيل جعلتنا نتصور أن رجل الهيئة أخطر على المرأة ممن يوصفون بالذئاب البشرية الذين يمارسون الابتزاز ضد الفتيات ويستغلون ضعفهن في حالات الحب والغراميات الزائفة، هم وجهان لعملة واحدة مقتضاها استغلال المرأة، ولو أن الفتاة تجد قانونا يحميها في حال وقعت بيد شاب غير مسؤول لما وجدت في الهيئة ملاذا لمصيبتها التي ربما تصيب أو تخيب.
بدا لنا المحتسب الذي قام بملاحقة فتاة النخيل كالصياد الذي تدفعه الرغبة والوحشية في السيطرة عليها، إنهم مهووسون بالمرأة إلى حد كبير، ويستغل البعض منهم وظيفته للاقتراب من النساء في ضمنيات التعامل وظاهرها أحيانا، وهناك حالات يستغل فيها عضو الهيئة وظيفته لاضطهاد النساء وابتزازهن، وهذا ليس اتهاما بقدر ما تفسره طبيعة الحالة بإعادة الأمر إلى الدافع الغريزي والفطري عند سائر البشر، أي انهم يقعون في الأخطاء التي لا يعترفون بها فليسوا أنبياء منزهين.
المحتسبون يتجاهلون الحالة التي يخضع لها المجتمع في تحولاته الفكرية، فقد كان الناس يتقبلون تصرفاتهم، ثم أرادوا التماس العذر وحسن المعاملة، ثم أصبحوا يبحثون عن البديل المنقذ، إذ خرجت تلك السلوكيات من إطارها التقليدي لتأخذ طابع السلوكيات العدوانية في فهم الناس، ولا أظن أن رجلا شريفا وغيورا على بناته وزوجته وأخواته سيقبل مثل هذه المعاملة ضدهن حتى وإن أخطأن، فهذا التضاد سيقود الجهاز إلى مأزق لا يمكن الخروج منه، وسيجلب المزيد من الحرج لهم أمام جماهيرهم، كذلك هم يحرجون الدولة والمسؤولين فيها.
يجب تأهيل المحتسب للعمل بالمبادئ التربوية والاعتدال في التعامل، ويجب وضع اللوائح التنظيمية مع فرض العقوبات للمخالفين وإعلانها حتى تكون الأمور واضحة للناس، لأننا نعيش اليوم في عالم حديث يحتاج فيه الفرد إلى حقوق حتى تترتب عليه الواجبات، لسنا في غابة.

maha3alshehri@gmail.com