-A +A
هاني الظاهري
مع قرب تنفيذ المناورة العسكرية الأكبر في التاريخ الحديث من حيث عدد الدول المشاركة فيها تحت مسمى «رعد الشمال» على الأراضي السعودية، ستتعقد آلياً مخططات قوى الشر في المنطقة وفي رأسها نظاما طهران ودمشق بشكل غير مسبوق، فالرسالة التي تبعث بها الرياض من خلال هذه العملية الضخمة مفاجئة وصادمة لهما، وتؤكد على أن التحالف الإسلامي العسكري الذي تم الإعلان عن تشكيله في شهر ديسمبر الماضي بقيادة المملكة ليس «تحالفا كلاميا للدعاية» كما روج الأعداء وإنما واقع يتجسد على الأرض بشكل أسرع من المتوقع ليكون درعا للمنطقة وشعوبها، وردعا لكل ما يهددها.
إذا كان إعلان السعودية عن استعدادها لإرسال قوات برية إلى سورية لمحاربة تنظيم داعش إعلان ضمني عن نهوضها بدور «شرطي المنطقة»، فإن مناورة رعد الشمال المرتقبة إعلان واضح لكل القوى العالمية عن قيادة السعودية (عسكريا) للأمة الإسلامية، وهذا بالطبع يأتي امتدادا لمكانتها الدينية والتاريخية كقبلة للمسلمين في كل مكان على سطح هذا الكوكب، بجانب كونه دلالة واضحة على نجاح لافت لتحركاتها الدبلوماسية التي فاجأت خصومها خلال الأشهر القليلة الماضية.

لم تعد «السعودية» اليوم تلك الدولة التي تتوقف شهرتها عند موقعها الديني وبراميل نفطها، وإنما تحولت إلى قوة سياسية وعسكرية عظمى قادرة على قلب موازين الأحداث السياسية وإفشال مخططات خصومها، حتى وإن حظي أولئك الخصوم بانتصارات صغيرة مؤقتة بمساندة قوى دولية كبرى كما يحدث في شمال سورية هذه الأيام.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين وكذلك مسؤولي النظام الديكتاتوري في دمشق خلال الأيام الماضية ردا على إعلان إمكانية التدخل البري السعودي في سورية لمكافحة داعش، جاءت مضطربة وكاشفة بشكل غير مباشر عن رفضهم أي خطوات للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي الذي عرقل ثورة السوريين، وهذا بالطبع يكفي لتعرية حقيقة الدور التبادلي الذي يلعبه نظام الأسد وحلفاؤه من جهة مع تنظيم البغدادي من جهة أخرى لذبح الشعب السوري لمجرد أنه قال للديكتاتور المجرم «لا» على مرأى من العالم أجمع.
السعودية اليوم تقول بـ «رعد الشمال» إنها لن تسمح بتهديد السلم والأمن في المنطقة أو انتهاك شعوبها لتنفيذ أجندات سياسية توسعية لدولة مارقة مثل إيران أو غيرها، ولن تسمح كذلك باستمرار مأساة الشعب السوري الذي تحالف ضده النظام والإرهاب طوال خمس سنوات ملطخة بدماء الأبرياء، والتحالف الإسلامي العسكري جاهز لردع الإرهاب في المنطقة سواء ظهر في ثياب تنظيم إجرامي مثل داعش، إو ارتدى زورا قناع نظام حاكم، فالإرهاب هو الإرهاب مهما تعددت أقنعته ووجوهه.