-A +A
مها الشهري
اختصر وزير التعليم على الطلاب آمالهم في مقابلته مع ممثلي الانتساب في الأسبوع الماضي، وأوضح أنه غير مقتنع بمخرجات الانتساب وأن الخريجين غير صالحين للعمل في التعليم، ومن غير المتوقع أن تصدر هذه اللهجة منه كمسؤول، خاصة أن اعتماد القرارات يبنى على النظام وليس على القناعات الشخصية.
بالنظر للإحصائيات فقد بلغ عدد الطلبة المقيدين في جامعاتنا الحكومية مليونا و 200 ألف طالب وطالبة، بينما يشكل طلبة الانتساب 32 % منهم «أي 384 ألفا»، كما أنه يتخرج سنويا 20 ألفا من نظام الانتساب، وهذا يمثل 20 % من خريجي وخريجات الجامعات الحكومية والذي وصل عددهم السنوي 100 ألف، لكن المفاجأة في اتهام هذه الشريحة الكبيرة بالفشل، وكأنهم من اخترع برامج التعليم، فبرنامج الانتساب والتعليم المطور خيار بديل متطور وميسر للتعليم من جهة، ولعجز الجامعات عن القدرة في استيعاب الطلبة من جهة أخرى، ولكنه ليس أدنى في القيمة من التعليم المنتظم، بل إن جميع الطلاب يدرسون المناهج ذاتها ويخضعون للاختبارات التي يحددها البرنامج، ولو بحثنا سنجد أن هناك احتياجا لرفع المستوى التعليمي بالنسبة للعاملين، بينما التعقيدات جعلت أكثر الطلبة يلجأون إلى هذا النظام، من ذلك تقييد المعدل وتحديد السن وعدم توافر المقاعد الدراسية الكافية.

القاعدة التي يجب أن يبدأ منها أي تغيير إيجابي حقيقي في هذا الشأن هو الاعتراف بأن التعليم والعمل حق للجميع، وذلك وفق الأنظمة وليس وفق المزاجية والآراء الشخصية، ومن يدقق في كلام وزير التعليم يلاحظ أن تهميشه لطلاب الانتساب يأتي تبعة لحديثه عن تعذر وجود الوظائف في قطاع التعليم، مع العلم بأن التخصصات المتاحة في نظام الانتساب تؤهل لأعمال ومهن أخرى، ومع الإيمان أن قطاع التعليم ليس المسؤول وحده عن استيعاب العاطلين من الخريجين والخريجات التابعين لأي نظام تعليمي، ففي هذا التصريح مغالطة وخلط واضح يزيد العبء ولا يعفي التعليم من مسؤوليته، كذلك لا يمنح الحق بتهميش نظام دراسي معتمد في جامعاتنا وفي أكثر جامعات العالم المتقدمة والمتطورة.
إذا كان الوزير سيلغي نظام الانتساب بسبب قناعته بعدم جدواه، وتبريرا لعدم القدرة على توفير الوظائف، وإن كان هذا من أساليب التصحيح التي يراها الوزير، فالطلبة ليسوا مسؤولين عن تحمل التبعات، وبذلك هو مطالب بإرفاق مطالبات التعويض المالية والتعليمية في خطابه للجامعات نيابة عن الطلاب الذين يجب أن يحرص على حقوقهم كما هو حريص على مستواهم التعليمي عوضا عما بذلوه في تعليم مهمش وغير معتمد.
إذا صح القول إن نظام الانتساب فاشل وعديم المخرجات، فالتحدي الحقيقي في إصلاحه وليس في تهميشه.