-A +A
هاني الظاهري
يبدو أن بعض الزملاء الكتاب وقعوا بحسن نية في فخاخ التضليل الكبيرة التي تنصبها كل يوم جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي لضرب اللحمة الوطنية في السعودية، وعلى رأس تلك الفخاخ تصنيف السعوديين إلى أحزاب وتيارات وهمية لا وجود لها بهدف تصوير الصراع بين المجتمع ككل من جهة و«فروخ الإرهاب دعاة التطرف» من جهة أخرى على أنها معركة حزبية جانبية بين تيارين صغيرين لا علاقة للمجتمع بهما، ومن ثم المطالبة بإيقاف هذه المعركة لصالح الوطن، وهي مطالبة ساذجة هدفها إسكات المجتمع ككل عن انتقاد وتعرية مشاريع الظلاميين، لأن ذلك بكل بساطة سوف يسهم في رفع الضغوط الاجتماعية والإعلامية عنهم، ويمهد الطريق لهم لاستكمال خطوات أجنداتهم السوداء دون ممانعة تذكر.
هذه اللعبة الشيطانية التي يمارسها أعداء الوطن اليوم بنصب الفخاخ تشبه إلى حد ما السلوك البدائي الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية من خلال تكفير كل من ليس معها وتصنيفه ضمن قالب محدد لإعدامه، لكن الأعداء الداخليين الذين يزعمون زورا حب الوطن بينما قلوبهم معلقة في مكتب مرشد الجماعة أو زعيم التنظيم لا يستطيعون التصريح علانية بتكفير المجتمع ككل، فيعمدون إلى وصف كل من يعري منهجهم الضال أو يقف في وجوههم بأنه منتسب لتيار علماني أو ليبرالي أو شيوعي وهي أكذوبة كبيرة لا وجود لها على أرض الواقع في السعودية، والمؤسف حقا أن يقع بعض المثقفين في هذا الفخ ويصدقوا أن السعوديين مجموعة أحزاب وتيارات، ثم يتقمصوا دور دعاة الإصلاح بين التكفيري عدو الوطن صاحب الأجندة الشيطانية وبين المواطن السعودي «الذي حزبوه في أدمغتهم» ليطالبوه بالتوقف عن انتقاد الفكر الضال.

لسمو ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف مقولة شهيرة أطلقها قبل أشهر صريحة واضحة، عقب حادثة إرهابية وقعت في المنطقة الشرقية.. قال سموه: «الدولة ستبقى دولة، ولن نسمح لأحد بممارسة دور الدولة»، وليت دعاة المصالحة بين ما يزعمون أنها «تيارات وأحزاب» داخل المجتمع يستوعبون أن هذا دور الدولة إن وجدت تلك التيارات والأحزاب فعلا، ويتوقفون فورا عن لعب أدوار البطولة الوهمية في مسرحية من تأليف وإخراج خادعيهم.
على كل حال يجدر بالزملاء الكتاب الذين وقعوا في هذا الفخ أن يدركوا أنني لا أقصد بكلماتي هذه الإساءة لهم أو إحراجهم أمام أحد، فما هي إلا كلمات تحمل عتب الزمالة لهم، إنه عتب كبير بحجم الوطن والمحبة التي تجمع أبناءه المخلصين، وليس من العيب أن نصحح أخطاء بعضنا البعض في سبيل حماية بلادنا ومجتمعنا من الأجندات الخبيثة التي تتربص بنا. وعليهم أيضا أن يدركوا أن أدوات ووسائل التضليل التي يستخدمها الأعداء تتطور يوميا، وأن أساليبهم باتت أكثر احترافية وقادرة على اختراق المنظومة الثقافية برسائل خادعة وغير مباشرة لتسخير كوادرها لخدمة مشاريعهم دون أن يشعروا، وهذا هو الخطر الذي يجب أن نتنبه له.