-A +A
مها الشهري
خلال الثلاثة أيام الأولى من تدشين مركز بلاغات العنف الأسري تلقى المركز قرابة 1890 حالة عنف أسري حسب خبر نشرته «عكاظ»، والنسبة المرتفعة تشير إلى أن الأساليب العدوانية لدى الكثير من الأسر تتخذ من العقاب البدني أو اللفظي سبيلا إلى ضبط السلوك باعتبار العنف أسلوب تعامل، هذا بالرغم من كون العنف اعتداء وجريمة لما يسببه من الألم والإهانة والإيذاء والكثير من المشكلات النفسية، وهذا الأسلوب الذي تم انتهاجه في التنشئة ساهم في اكتسابه كنموذج ومن ثم أتى التعامل به مع الآخرين.
حسب تفاصيل الخبر نفسه، فالمركز يرتبط بجهات أمنية وحقوقية عدة من شأنها أن تعمل على حل هذه المشكلات وهذا جيد، حيث لا بد من أن تكون خطى التطوير مستمرة ولا تقف عند هذا الحد، لكن التعامل مع الظواهر والمشكلات الاجتماعية يعني التعامل مع النتيجة وليس مع الأسباب، والمأمول في شمولية الأحكام التي تعمل بشكل وقائي من جانب إثبات حقوق الأفراد، وانتشالهم من قهر الاستبداد الذي يمارسه بعضهم ضد البعض الآخر، خصوصا ما يمارس ضد النساء والأطفال والعجزة، بينما يقابل جدية التطبيق النظامي والعقوبات ضرورة رفع مستوى الوعي الحقوقي من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وممارسة دورها المفترض في نشره بين المواطنين، وذلك يتيح نوعا من الانسجام والمرونة بين احتياجات الأفراد والأنظمة التي تكفل لهم حقوقهم في الوقت الذي يعتقد فيه المواطن أن سعيه وراء حقوقه أصبح أمرا غير مجد.
نمو الوعي الاجتماعي ينعكس على نهوض المجتمع، لأن هذا بدوره يرفع نسبة الوعي سعيا إلى تصحيح الكثير من السلوكيات الشائعة، ومن ثم انتقال الأفراد من حالات التشكي والإحساس بالظلم إلى المشاركة الاجتماعية الفعالة والإيجابية.
إذا كانت ثقافة المجتمع قد تشكلت بمعزل عن ثقافة الحقوق والقوانين، فإن في تفعيلها القدرة على خلق ثقافة جديدة، وعندما تتبناها المجتمعات فإنها تتشكل في قناعات الأفراد، ومع الوقت سيفرض التغيير نفسه، وحينها سيعد الفرد الذي لا يتعامل مع حقوقه بما تفرضه القوانين شخصا سلبيا.

maha3alshehri@gmail.com