-A +A
هاني الظاهري
برئاسة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي أقر مجلس إدارة وكالة الأنباء السعودية أخيراً الدخول في شراكة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون لتأسيس «شركة القناة الإخبارية» ما يمثّل فعليا الركض بأقصى سرعة نحو صناعة اقتصاد إعلامي منافس يحول أهم قناة تلفزيونية سعودية إلى منصة عصرية لصناعة المحتوى الإخباري المرئي ودخول سوق عالمية كبيرة تتقاسم كعكتها مئات شركات «الإعلام والدعاية والإعلان والتسويق»، وتجني من خلالها الأرباح البليونية بجانب تمرير رسائلها بأفضل الطرق الممكنة.
منذ لحظة تأسيسها قبل سنوات كانت «الإخبارية» بحاجة لهذه الخطوة المبدئية في المسار الصحيح لتحقق أهدافها بفعالية حقيقية بعيدا عن قيود القالب الكلاسيكي الذي وجدت فيه.. وسائل الإعلام الكبرى في كل مكان في هذا العالم مرتبطة ارتباطا عضويا بالاقتصاد والسوق، وكلما ازداد نجاحها ارتفعت قيمتها السوقية وبالطبع «قدرتها على التأثير».. هناك فرق كبير بين وسائل الإعلام ووسائل الدعاية الرسمية يضع أي منصة إعلامية تملكها الحكومة بشكل مباشر في خانة «وسائل الدعاية» ويُضعف تأثيرها الإعلامي إقليميا ودوليا مهما فعلت وقدمت، إلى جانب أنه يخرجها كليا من السوق الإعلامية الدولية أو بشكل أدق «يلغي قيمتها السوقية»، ما يعني في نهاية المطاف أنها لن تحقق الأهداف التي تأسست من أجلها ولن تستطيع كذلك توفير أي إيرادات تدعم مسيرتها وقدراتها وتطورها، وهذا بالضبط ما ستتجاوزه الإخبارية في حال أصبحت شركة ذات ثقل إعلامي واقتصادي.

من الواضح أن تأسيس هذه الشركة يتسق تماما مع برنامج التحول الوطني الذي تشهده السعودية اليوم بقيادة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أي أن وزارة الثقافة والإعلام المشرفة رسميا على هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية (طرفي تأسيس الشركة حتى الآن) تسارع لممارسة دورها بحرفية خدمة لهذا البرنامج، وتثبت أن ليس لديها أي وقت فائض للتأخر عن الانخراط فيه كعضو فاعل وأساسي، إنه الركض باتجاه الغد دون تردد، فالسنوات التي مضت من عمر الإخبارية كافية للحكم على مستوى فاعليتها وفق «وضعها الحالي»، وهو أمر يحتاج لشجاعة كبيرة للاعتراف به وشجاعة أكبر للقفز بالقناة نحو المسار الصحيح.
ستتعالى ضد هذا التحول الإعلامي الذي يديره الدكتور الطريفي أصوات أعداد كبيرة من المستفيدين من الترهل الإداري القديم في هيئة الإذاعة والتلفزيون وكذلك القناة وربما الوزارة نفسها، وهذا أمر طبيعي ومتوقع ولن يشكل عائقا يُذكر، فممانعة التغيير والتطوير سمة من سمات البيئات التي جنحت إلى التوقف عن النمو لفترات طويلة، لكن هذه الممانعة تسقط آلياً أمام الإرادة الوطنية الواعية الطموحة التي تصنع النجاح في أسوأ الظروف.
أخيراً لابد أن أشير إلى أن تحول الإخبارية إلى شركة بطرفي تأسيس مبدئيا ينبغي أن يكتمل بطرح نسبة من أسهمها للاكتتاب العام، وكل الظن أن هذا ما سيحدث، وسنهنئ أنفسنا به قريباً.