أكملت السعودية الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية، التي تربط الخليج العربي مروراً بالمملكة، إلى بحر العرب، للالتفاف حول مضيق هرمز، ما يمكن المملكة من نقل نفطها عبر هذه القناة المائية الصناعية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية الكبرى في العالم، إذ أطلقت مجلة المهندس -الصادرة عن الهيئة السعودية للمهندسين في عددها الأخير - على المشروع مسمى «مشروع القرن»، والنهضة الثانية للمملكة.
ووفقاً للمهندس عصمت الحكيم، الذي كشف فصول المشروع الأكبر العائد لدراسة في شركة الكهرباء السعودية، على رغم مرور سبع سنوات على العمل في فكرة المشروع، الهادفة إلى نقل النفط وتوليد الطاقة الكهربائية، عن طريق محطات توليد نووية لتقليل الاعتماد على إنتاج الطاقة بحرق الوقود الأحفوري، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة من ذلك.
واستعرض الملف فكرة المشروع، التي تتمحور حول إنتاج الطاقة الكهربائية في مرحلته الأولى، ثم يتحول إلى مشروع متكامل تحت اسم «النهضة الثانية للمملكة»، وتتلخص الفكرة الرئيسية في فتح قناة بحرية من بحر العرب، مروراً بالحدود العمانية واليمنية، وتمتد إلى داخل المملكة في الربع الخالي ثاني أكبر صحراء في العالم، وتحتل الثلث الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، ويقع الجزء الأعظم منه داخل الأراضي السعودية، بمساحة 600 ألف كيلو متر مربع، وتمتد 1000كيلو متر طولاً، و500 كيلو متر عرضاً.
ويتم عمل قنوات بحرية عدة داخل المملكة تنتهي كل قناة ببحيرة كبيرة، وتنشأ على كل بحيرة محطة توليد نووية تكون في الربع الخالي بعيدة عن المدن الرئيسية، ويتم إنتاج الطاقة الكهربائية، بقدرة لا تقل عن 50 قيجاوات، إضافة إلى إنتاج مياه محلاة، يستفاد منها في مشاريع الإسكان والزراعة والرعي، بالربع الخالي، من خلال إنشاء مدن حديثة عند أفرع هذه القنوات البحرية لإسكان العاملين في المشاريع التي سيتم إنشاؤها، ومنها محطات التوليد ومشاريع الصناعة والزراعة والإنتاج الحيواني والري.
كما بيّنت الدراسة أن القنوات الجديدة تتخللها مدن سياحية للاستجمام الشتوي، عندما تنخفض درجات الحرارة في الدول الأخرى في أوروبا وأمريكا، أما على صعيد الزراعة، فسيتم العمل على مشاريع زراعية ضخمة للإنتاج الزراعي في البيوت المحمية، منها الخضراوات بأنواعها والأزهار بمختلف شتلتها، علاوة على مشاريع تربية الأسماك من خلال أحواض بحرية كبيرة في القنوات وفروعها، يتم من خلالها تنوع الأسماك المنتجة للحوم، إضافة إلى العديد من المشاريع المتعددة للبيت السعودي، مثل الدواجن ومشاريع الألبان، بهدف تحويل الربع الخالي المهجور حاليا إلى سلة غذاء وكهرباء للمملكة.
وفي ملف الطاقة، أفصحت الدراسة عن تأسيس 10 محطات نووية، بقدرة إجمالية 50 قيجاوات، ما يماثل أحمال المملكة الحالية، وذلك لتقليل الاعتماد على المحطات التقليدية، التي تعتمد على حرق وقود النفط بأنواعه لإنتاج الطاقة، وما يخلفه من عوادم الدخان التي تؤثر على البيئة، إضافة إلى إنشاء حقول لإنتاج الطاقة الشمسية في الأماكن الكبيرة الشاغرة في الربع الخالي، لإنتاج طاقة لا تقل عن 50 قيجاوات، ويتم التوسع فيها للتقليل من الطاقة النووية مستقبلاً.
وفي الملف الصناعي، حددت الدراسة قيام مصانع كبرى، مثل مصانع السيارات الثقيلة والخفيفة، ومصانع السفن المتوسطة والسريعة، ومصنع الشاحنات، ومصانع لإنتاج الخلايا الشمسية. أما ملف النقل والمواصلات، فأوصت الدراسة بإنشاء مطارات لنقل الركاب والمنتجات، من وإلى هذه المشاريع، وحددتها بمطارين، مع تعزيز الربط البري بين هذه المشاريع والمدن الرئيسية، وإضافة طرق سكك حديدية، بعدما انتهت المملكة حاليا من شبكة حديدية تربط الشمال بالجنوب، تعد الأكبر في العالم.
مشاريع نووية
واعتبرت الدراسة الهندسية، المشروع نهضة كاملة في كل المجالات، تحول السعودية إلى دولة مصدرة بدلا من كونها دولة مستهلكة، إذ قال الحكيم بحسب دراسته للمشروع: إن المملكة ستتحول لرائدة ومصدرة ضمن الدول العظمى في المشاريع النووية السلمية، والصناعية والزراعية والحيوانية والثروة السمكية، ومدن الطاقة الجديدة، كما أن المشروع سيوفر فرصا وظيفية جاهزة للمهندسين بمختلف تخصصاتهم. مشيرا إلى أن هذه النهضة ستكون في الربع الخالي على اعتباره أفقر الأراضي بالجزيرة العربية، ومن خلاله ستتحول الجزيرة العربية من صحراء جرداء في الربع الخالي، إلى جنة خضراء من أنهار وقنوات مائية.
ووفقا للدراسة، فإن المشروع قابل للاستنساخ والتطبيق، من خلال قنوات من الخليج العربي، في الشمال الشرقي، ومن البحر الأحمر في الشمال الغربي، وفي حالة عدم الربط بين الخليج العربي وبين بحر العرب لأسباب سياسية، فبالإمكان تمديد القنوات لتربط بين الخليج والبحر الأحمر، في جنوب المنطقة الوسطى والشمالية، وتطبيق مشاريع المحطات النووية.