-A +A
هاني الظاهري
«لقد فاجأ السعوديون العالم»، هذا ما أشارت إليه مجلة «فوربس» قبل يومين خلال حديثها عن «رؤية السعودية 2030» مبينة أنه على رغم الصورة «النمطية» السائدة عن السعوديين في الغرب، إلا أنه ثبت «أنهم يفكرون بعقلية رجال الأعمال، وليس بعقلية بيروقراطيي الحكومة ولا رجال الدين».
بات واضحا أن العالم كله يراقب أدق تفاصيل خطواتنا المتسارعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي الذي بشرت به «الرؤية».. لم تعد ورشة العمل الوطنية الكبرى التي انطلقت من الرياض شأنا سعوديا فحسب بل تحولت إلى حدث اقتصادي عالمي تتابعه الجماهير في كل مكان وتعقد المراهنات حوله، وهذا يعني أن علينا مراقبة تقدمنا قبل الجميع وحساب تحركاتنا بدقة عالية لكسب الرهان مع أنفسنا أولا، ما يستدعي بالطبع خلق آليات ضبط وتقويم محكمة لمسار رحلتنا الكبيرة إلى «السعودية الجديدة» التي تستغرق نحو 15 عاما.

هل بات الوقت متأخرا لتأسيس «الهيئة العليا لرؤية السعودية 2030»؟ بالطبع لا، فما زلنا في بداية الرحلة وهذه الهيئة إن وجدت كما أتخيلها فستكون دعامة قوية جدا لقفزتنا التاريخية المرتقبة.. هي اقتراح شخصي أضعه بين يدي صاحب القرار يتمثل في تأسيس هيئة عليا بالصلاحيات كافة وظيفتها الأساسية مراقبة ودعم تنفيذ «الرؤية» برئاسة سمو ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويضم مجلس إدارتها - بعيدا عن المسؤولين الحكوميين - أعضاء من أهم بيوت الخبرة العالمية ومستشارين دوليين في الاقتصاد والتنمية والاستثمار والسياحة والإعلام والتكنولوجيا وكل ما يخدم هدفها، وتنبثق من هذه الهيئة لجان متخصصة في كل مجال تشرف على متابعة البرامج وتقويمها وإيجاد الحلول لإزالة المعوقات التي تواجهها، كما تتبع لهذه الهيئة مراكز تقويم موزعة داخل كل الوزارات والجهات الحكومية مهمتها المراقبة والتقويم ورفع التوصيات حول كل ما يعيق مسار تلك الجهات من إجراءات أو أنظمة بحاجة للتحديث والتطوير لتتسق مع المسار العام للرؤية.
الهيئة التي أتخيلها ستكون الذراع القوية والديناميكية للسعودية في هذه المهمة التاريخية الصعبة، وستكون البوابة الحقيقية لدخول عصر الاستثمار والمحطة الأهم لتهيئة المجال لجذب الاستثمارات الدولية بل والتفاوض وتقديم العروض والتسهيلات خارج إطار الإجراءات المعتادة التي قد تعيق الأمر بدلا من أن تدعمه.
وينبغي بالطبع أن يكون لهذه الهيئة بوابة إلكترونية هي الأضخم في حجمها وفعاليتها بعيدا عن مواقع الوزارات الموجهة للداخل، لتطل على العالم بجميع اللغات وتطرح الفرص ودراسات الجدوى والتسهيلات أي بشكل أوضح (تمد يد الفرص الاستثمارية السعودية إلى كل مكان في هذا الكوكب بلغته)، وتدعم بحملات تسويقية وإعلانية على مستوى العالم.
أيضا يمكن أن تشرف هذه الهيئة على تنفيذ منتديات ومؤتمرات اقتصادية دولية ضخمة هدفها خدمة رؤية السعودية وتحقيق أهدافها، هذا بالإضافة للكثير من الأفكار التي لا يمكن تناولها في هذه المساحة وسأحاول الحديث عنها في مقالات أخرى.