-A +A
هاني الظاهري
المراسلات التي تم تسريبها أخيراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي متضمنة بعض الشد والجذب بين مسؤول ورئيسه ومنتهية بإعلان ذلك المسؤول استقالته ومن ثم تعميم الرسائل على موظفي القطاع كاملاً بشكل يمكن وصفه بـ«نظام شوفوني وأنا أستقيل» ليست برأيي سوى محاولة ساذجة لتسجيل بطولة وهمية قبل الهرب من المسؤولية كنتيجة حتمية للفشل الذريع في مواجهة التحديات الوظيفية التي يفرضها المنصب.
من المعيب أن يلجأ مسؤول أيا كان منصبه للشارع مسرباً بشكل مباشر أو غير مباشر مكاتبات رسمية لاستجداء تعاطف السذج وتحريض الرأي العام على مرجعه سواء كان على حق أو باطل، فهناك قنوات نظامية لأي شكوى أو مظلمة وليس الأمر فوضى، كما أن إرسال هذه المكاتبات كـ«نص مضمن» إلى عشرات الموظفين لا يمكن أن يكون عملاً بريئاً، بل ممارسة سيئة هدفها إشاعة المكاتبات عن طريق أطراف متعددة، ليصبح وصولها إلى شبكات التواصل مسألة حتمية وهي بذلك تحولت إلى جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون قبل أن تكون انتهاكاً للأخلاق الوظيفية، لكن السؤال هنا ما الذي يدفع موظفاً ما لفعل ذلك؟

هناك عدة احتمالات يمكن طرحها لتحليل ما حدث، أولها كما أشرت في مطلع هذه المقالة يتمثل بفشل المسؤول في مواجهة التحديات الوظيفية، وهذه مسألة أعتقد أنها ستتكرر كثيرا خلال الفترة القادمة كمخرج لعدد من المسؤولين الذين لن يستطيعوا الانخراط في مسار رؤية 2030 نتيجة محدودية قدراتهم، وهو أمر سيدفعهم إلى الانتحار الوظيفي بمسرحيات بطولية زائفة معتقدين أنها قد تحفظ لهم شيئاً من ماء الوجه بعد هربهم من المسؤولية.
الاحتمال الثاني قد يكون جهل المسؤول المستقيل بالأنظمة والإجراءات التي تحفظ لكل موظف (صغيرا أو كبيرا رئيسا أو مرؤوسا) حقوقه الوظيفية والشخصية، وهذه كارثة بحد ذاتها إذ أن وجود مسؤول جاهل بالنظام في منصب قيادي خطأ يجب تصحيحه، ومن الجيد أن يأتي هذا التصحيح منه شخصيا بتقديم استقالته دون ضجة زائفة.
الاحتمال الثالث هو وجود عداء شخصي دفين بين المستقيل ورئيسه وهو أمر قد يجعله يتحين الفرص للإيقاع بالرئيس عن طريق تهييج الموظفين والرأي العام ضده من خلال استغلال مراسلات رسمية بشكل غير قانوني.
إجمالاً يمكن متابعة آثار تلك التسريبات لفهم حقيقة أنها لا تخدم أحداً بقدر ما تقدم هدية مجانية للموتورين ضد البلاد وحكومتها بشكل عام وليس الشخص المستهدف فقط، وهذا رأيي الدائم في كافة التسريبات غير القانونية، وكل ما أتمناه أن لا تمر هذه الضجة دون محاسبة مفتعلها لردع مدمني تسجيل البطولات الوهمية قبل أن يغرقونا بها كل يوم.