-A +A
عبدالمحسن هلال
بعد حوالي نصف قرن وتسع خطط تنموية لم تؤت ثمارها كما يجب، أتت فكرة التحول الوطني 2020 لتحل محلها بأهدافها وبرامجها الكبرى، لم تعد هناك خطة خاصة لكل وزارة تدمج، قصا ولزقا، بخطة الدولة العامة، أصبحت هناك مبادرات يمكن قياس درجات تحققها، وبميزانية تقديرية 270 مليار ريال للخمس سنوات القادمة. وهذا أمر مبهج وواعد، غير أن السؤال هل سيوكل تنفيذ التحول الجديد لذات العقول والمدرسة الإدارية القديمة التي لم تنجح في تنفيذ الخطط السابقة؟
سؤالي ليس تحاملا على مديري عموم أو وزراء سابقين أو حاليين، أعرف أن كلا منهم حاول جهده وحكمه ظرفه ووقته، هذا لا يمنع أن منهم مقصرين وفاسدين، إلا أنهم قلة برغم حجم وكمية الفساد المعلن، إنما تحفظي على من أمضى سنين، قلت أو كثرت، وليس في ميزان أدائه ما يشير لنجاح مع خطط تنموية تقليدية، كيف يمكن نجاحه مع أفكار غير تقليدية؟ كتبت سابقا عن ضرورة تغيير العربة أو الأداة الإدارية التي ستمكن تحولنا للعوالم المتقدمة، وما زلت عند رأيي القديم أن الفرق بين الدول المتقدمة والنامية ليس فجوة علمية أو معرفية، فثورة المعلومات أتاحت المعلومة للجميع، إنما هي فجوة إدارية، بما يتضمنه ذلك من قوانين عدلية محاسبية، فضلا عن تطبيق المفاهيم الإدارية الحديثة.

يشوب بعض المبادرات الوزارية لتنفيذ التحول الوطني ما يشي ببعدها عن فكرة التحول الوطني، مثلا، وزارة التخطيط طرحت مبادرة إنشاء مركز دراسات إستراتيجية تنموية بكلفة 450 مليونا، ونحن لدينا مراكز أبحاث عدة جامعية ومستقلة، ويمكن التعاون مع المميز منها، وزارة الصحة قدمت مشروع الصحة الإلكترونية بحوالي 6 مليارات، قبل أن تنجح في قضية التأمين الصحي وأظنها قفزة للأمام، وزارة العدل قررت نشر الثقافة العدلية ومميزات نظام القضاء بقيمة 337 مليونا، وهذه مهمة الإعلام والميديا، مما يذكرني بوزارة الإعلام التي رصدت 700 مليون لنشر الهوية السعودية حول العالم، وأعتقد أنها مهمة ليست بذات الأهمية، بالخصوص في ظرفنا الاقتصادي الراهن.
بظني المتواضع بعض هذه المبادرات يحاول الخروج من تحت عباءة الخطط التي حاولت تنويع مصادر الدخل وبناء المواطن المنتج ولم تفلح، وبعضها مما يمكن تأجيله لإتاحة الفرصة لتقديم مبادرات من خارج الصندوق، لم لا تجرب بعض الوزارات أفكارا جديدة تتماشى مع روح رؤية 2030 التطويرية التي تعتبر الإطار المرجعي للتحول الوطني. لو درسنا أسباب فشل خططنا الاقتصادية السابقة لتبينت لنا طرق جديدة للتنفيذ، فالمهام والأهداف واحدة، توفير حياة كريمة للمواطن.