-A +A
هاني الظاهري
يبدو أن لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى مصرة على اتخاذ مواقف رافضة للتغيير والتطوير بشكل مطلق رافعة شعار «الله لا يغير علينا»، حتى تحولت أدراجها إلى مقابر لكثير من التوصيات التي يتقدم بها الأعضاء دون مبررات مقنعة، فبعد دفن مشروع «مدونة الأسرة» في تلك الأدراج دون أكفان أو مراسم عزاء، رفضت اللجنة التي يمكن وصفها بـ«الحانوتية» أخيرا تبني التوصية التي تقدم بها خمسة من الأعضاء لإلزام وزارة العدل بتنفيذ برامج توعوية للنساء بحقوقهن الشرعية والقانونية بالتنسيق مع وزارتي التعليم والإعلام وهيئة حقوق الإنسان، وكأن «توعية أمهاتنا وأخواتنا بحقوقهن» خطر يهدد البلاد والعباد، وهو الأمر الذي أجبر الأعضاء الخمسة «هيا المنيع، ولطيفة الشعلان، وناصر الداود، وحمدة العنزي، وسارة الفيصل» على التمسك بطرح التوصية للتصويت لتصبح نتيجته «مسألة فاصلة» تجاه إقرارها من عدمه.
الأهم من التوصية المشار إليها المسوغات التي تضمنتها، إذ أن علاج الإشكالات العامة المتعلقة بحقوق المواطن ليس أمرا متوقفا على قرارات الشورى بل هو دور الوزارات التي يفترض أن تضع حلولاً لها بموجب صلاحياتها، وتسارع برفع الحلول التي تتجاوز صلاحياتها لمجلس الوزراء لإقرارها بدلا من انتظار من يلفت نظرها إلى معاناة الناس الذين تخدمهم.

من مسوغات توصية الأعضاء الخمسة «ضعف الوعي بالحقوق لدى عموم النساء، وغياب البرامج التوعوية في هذا الجانب، وضياع كثير من حقوق النساء الضعيفات والمهمشات ومن تقع عليهن المظالم بسبب انخفاض وعيهن بحقوقهن التي كفلتها الشريعة والأنظمة المرعية، إضافة إلى انخفاض أعداد المحاميات السعوديات المصرح لهن بالعمل، وعدم وجود كاتبات عدل في المحاكم يساعدن على توعية المرأة بحقوقها».
وأخشى أن يكون السبب الحقيقي في معارضة اللجنة نابعا من دهشتها من المسوغ الأخير (غياب كاتبات العدل) مع أنه أمر طبيعي ومطلوب والحاجة له اليوم ماسة في ظل عدم وجود مانع شرعي من توظيف النساء القانونيات في هذا المجال إلى جانب قلة أعداد كتاب العدل التي تتسبب منذ سنوات في تعطيل معاملات المواطنين، وليس أدل على ذلك من تشكيل وزارة العدل لجنة في منتصف عام 2008 لبحث حل مشكلات تعطيل معاملات المواطنين في كتابة العدل الأولى بمحافظة جدة إثر إيقاف أربعة من كتاب العدل قبل ذلك بأشهر قليلة على خلفية تورطهم في عمليات إفراغ أراض شمال المحافظة بصورة غير نظامية.
من السهل أن يجد المعارضون لحقوق النساء مبررات مختلفة عن المبررات الحقيقية التي تدفعهم لاتخاذ مواقفهم، ولن يصعب على اللجنة إياها تبرير موقفها بوجود أنظمة أو مشاريع سابقة لا ينبغي مناقشتها، مع أن أساس عمل مجلس الشورى هو معالجة الأنظمة القديمة بطرح الحلول والتوصيات المناسبة لكن من يقنع هواة الدفن بذلك.