-A +A
عبدالمحسن هلال
يدور حديث عن مراجعة الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا، وهذا حديث خادع مراوغ، ما حدث أن بعض الأعضاء، اثنين أو ثلاثة، طالبوا بمراجعة بعض مواده حماية لأفراد أمريكيين قد يطالهم القانون بغير قصد، أي إعادة تفصيل هذه المواد على المقاس غير الأمريكي، الكلمة التي استخدمها زعيم أغلبية مجلس النواب ميتش مكونيل «Tweak» أي قرص أنف أو أذن تلك المواد، لتفادي احتمال تعرض موظفي الخارجية الأمريكية أو جنود الجيش الأمريكي لأي مساءلة قانونية خارج أمريكا. المتفائلون يقولون بإمكانية نجاح مساعي عرقلة تنفيذ القانون بإعطاء وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين حق الاعتراض على حالات معينة، والاستنتاج الوحيد لتفاؤل كهذا هو إبقاء القانون سيفا مسلطا ضد المملكة وأداة ابتزاز جاهزة للتطبيق.
الأجدى مواجهة جاستا بخطوات عملية، كثيرون يعتبرونه بمثابة إعلان حرب بدأ تنفيذه بالفعل، فقد رفعت سيدة أمريكية أول دعوى قضائية بمحكمة في واشنطن ضد المملكة بعد يومين فقط من إقرار القانون. وهو قانون استغرق جهابذة القانون الأمريكان 12 عاما لإعداده برغم التحقيقات الكثيرة التي برأت المملكة من أية صلة بمنظمة القاعدة، وهو أمر سهل برهانه. إذ بقليل من الجهد والتنسيق مع دول أخرى، سيجبر الكونجرس على بلع تقريره، ها هي اليابان تعلن إمكانية السماح لمواطنيها ضحايا هيروشيما ونجازاكي برفع قضايا ضد أمريكا، وستتبعها دول كثيرة لن يدوم سلطان أمريكا عليها كالعراق وليبيا وأفغانستان وربما فيتنام، وكما قال مسؤول أمريكي سابق 180 دولة يمكنها مقاضاة أمريكا. وننتظر من مجلس شورانا الموقر إمكانية صدور جاستا سعودية.

نملك أوراقا عدة للتعامل مع جاستا رسميا وشعبيا، ورقة التعاون الأمني مثلا، يتبجح مرشحا الرئاسة الاثنان بحماية أمريكا للمملكة، لنوقف التعاون الأمني لنرى من يحمي الآخر، وكيف ستخوض أمريكا حروبها ضد الإرهاب الذي تزعمه. ورقة المتاجرة تمكننا من الامتناع عن شراء السلاح والتعاون مع شركات أمريكية، ورقة النفط يمكن استخدامها تسعيرا وإنتاجا وتسديدا، وهذا يتطلب فك الارتباط بالدولار والاشتراك في نظام صرف عالمي لا يتعامل بالدولار، وإن بشكل اتفاقات ثنائية، كاتفاقنا مع الصين مؤخرا أن يسدد لكل طرف بعملته الوطنية. وليس صحيحا استغناء أمريكا عن نفطنا، أساطيل أمريكا حول العالم لا تستخدم نفطا أمريكيا وإنما من دول أخرى والمملكة على رأس هذه الدول.
أما شعبيا فيمكن فعل الكثير، أقله مقاطعة سلع ومنتجات أمريكا، ولن نتعطل فأسواق العالم تنتج كل بديل بما فيه قطع الغيار، بل سيتعطل الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني حاليا من كساد كبير، أي نقص في ميزانها التجاري يعني ارتفاع نسبة البطالة لديهم بكل تداعياتها، ولو دعونا غيرنا للمقاطعة مستخدمين قوتنا الناعمة وأن التهديد هو لبلاد الحرمين الشريفين سنجد تجاوبا كبيرا.