-A +A
فؤاد مصطفى عزب
من إحدى أعظم مباهج الحياة أن يكون في حياة الإنسان (شلة) مجموعة من الأشخاص يألفون بعضهم بصدق ريفي يحبون نفس الأشياء.. يجتمعون من وقت لآخر في موعد من نور يتبادلون المعرفة والمعلومة الجديدة والأخبار المضيئة ويضحكون بنعيم جامح من القلب.. تجد في مثل هذه المجموعة الراحة الجسدية والذهنية بعد إنتهاء يوم عمل طويل وفي الواقع أن ذلك لن يحدث بهذه الكيفية إلا عندما تكون تلك المجموعة متجانسة ومتقاربة في العمر والثقافة والفلسفة والنظرة الشمولية للحياة والناس بحيث تتحول تلك «اللمة» مع الوقت إلى نسيج متماسك من «المحافظين» على فرح القلب يعيدون إليك توازنك في الحياة ويساعدونك على تناول أيام الحياة بإيجابية ومن وجهة نظري أنه يجب ألا يخلو الحديث في مثل هذه التجمعات من التعرض لحقائق الحياة البسيطة والمعقدة والتعرض لهموم الآخرين وأصحاب الحاجات ممن هم في محيط هذه الشلة وذلك للتصدي لها بشكل مباشر في محاولة مشتركة لجعل القبح أقل!! وعلى النقيض من ذلك أن تكون «وباختيارك الكامل» عضواً في مجموعة سلبية هي عبارة عن مؤتمر يومي للنم المباح تجتمع كل يوم معهم «وبإرادتك» على «وجبة» والوجبة غالباً ما يكون مواطناً أو مسؤولاً أو ابن ناس أو موظفاً ناجحاً أو رجل أعمال أو مرفق خدمات عام أو خاص أو مبدعاً لا أحد يسلم في هذه الجلسة «من الألسنة التي تضرب في كل الاتجاهات» تسمع أقوالاً لا تخطر لك على بال وحكاوى كاذبة وروايات عرجاء ولغوصة.. فريق من التعساء فقدوا الإحساس بالحياة فصاروا يرمون بالبذور الرديئة في كل تربة تذمراً وسخطاً على كل شيء ومن كل شيء يبدأ الحديث بالتسلح النووي لينتهي بوباء انفلونزا الطيور مروراً بالحجامة.. تخرج من الأولى بحديث ينير عقلك ويلهب قلبك لتصير بدورك نوراً وحباً ومنارة للآخرين وتخرج من الثانية بانكسار وفشل وهزيمة وتمزق داخلي .. الأولى «كبسولة سعادة يمكنك تناولها كل يوم لن تصيبك بأي آثار جانبية بل تمنحك مناعة عالية ضد قسوة الأيام» والثانية «وجبة طعام ثقيلة ما أن تتناولها حتى تتصاعد أبخرتها من معدتك إلى عقلك لتلفه بضباب كثيف».. أنت من يملك مفتاح سيارتك لتختار أين تذهب هذا المساء!!