-A +A
فؤاد مصطفى عزب
في الولايات المتحدة الأمريكية فكّر عدد من الباحثين تتبع مسار أنجح المديرين وذلك بهدف الوقوف على الأسباب الحقيقية وراء نجاحهم.. شرعوا في إجراء المقابلات وفتحوا العزلات واستباحوا الحرمات وبعثروا الأغطية وشمشوا الأحذية ونبشوا الأصول والفصول والجذور وبيانات المصارف بحثاً عن صلة الرحم التي تربط بين هؤلاء المديرين وأتت النتائج للوهلة الأولى مخيبة للآمال إذ أن هؤلاء الباحثين كادوا أن يخفقوا في إيجاد العامل المشترك بينهم فهناك من انفجر الفقر في عيونه وهو طفل حتى تقرّحت أجفانه وهناك من كان يقيم في بيت مصنوع من العملات النقدية ومنهم من وُلد وفي فمه ملعقة كفيار ومنهم من أكل النعال وشرب الأوحال وهناك من تخرج من هارفارد وستنافرد ومن اكتفى بمؤهل الحياة ومن ركب الحمير والخيول والبغال ومن ركب الرولزرويس والبورش واللمبورجيني.. من الفقر حتى الجوع القارص إلى الغنى حتى التجشؤ.. أفراد من شجرة عائلية تطمئن لها وآخرون ظهروا (كالفقع) لا جذور لهم والنتيجة اتفاق الباحثين أن المديرين الناجحين يجتمعون في صفتين الأولى أن كلا من هؤلاء الأشخاص كان يجهد نفسه في كل ظروف الحياة بحثاً عن كل ما هو حسن وإيجابي في نفسه والآخرين والعالم وهذا سهل فنحن إن بحثنا عن البؤس وجدناه متراكماً في القتل المجاني والعنف الكبريتي وغابات الكحل الأسود التي تغرغر كل صباح كبصاق المحارة فوق أعمدة الصحف اليومية، والمساء هو الآخر قد لا يختلف كثيراً فنفس الصحف الصباحية تنتقي في المساء مصائب وأخباراً قد لا يبتهج لها أعظم المهرجين في سيرك الحياة وإن بحثنا عن الحسن وجدناه أيضاً كما تركناه حاراً دافئاً كخبز طالع من الفرن «رجلان تطلعا من وراء قضبان السجن فوجد الأول وحلاً وشاهد الثاني نجوماً وقمراً» والصفة الثانية قدرة هؤلاء الناجحين على الاستفادة من أخطائهم وأخطاء الآخرين بمعنى آخر هذه المجموعة تؤمن بأهمية تصميم الممحاة في الطرف الآخر من قلم الرصاص.. حولوا عقولهم إلى حديقة ينتزعون منها الأعشاب المؤذية ليغرسوا مكانها الزهور (حاول أن تتعلم من أخطاء الآخرين فلن توفر لك الحياة وقتاً يكفيك لارتكاب تلك الأخطاء كلها» جملة قالها أحد أولئك المديرين للباحثين.. معادلة سهلة إن اكتسبتها قد تتيح لك فرصة الانضمام إلى ذلك الفريق!!