-A +A
مها الشهري
قضية الشباب والعمل هي أحد أهم القضايا التي طرحت كثيرا على طاولة الحوارات، لكن كثرة الحديث عن هذا النوع من المشكلات لم يتوازن مع السعي في البحث الجدي لحلولها، هذا بالرغم من أن عمل الفرد هو مفتاح عبوره إلى الأهلية الاجتماعية التي تحقق له كيان الإنسان المنتج والمستقل والمتمكن من حياته، فكيف يكون لدينا هذا الحجم من البطالة رغم حصول أكثرهم على التعليم والتعليم العالي في مجتمعنا الذي عرف على مستوى العالم بالرخاء والوفرة؟!

ينظر أكثر شبابنا اليوم إلى أن الوافدين قاسموهم في أرزاقهم، واستلبوا الفرص الوظيفية منهم، وبالتالي تأتي بعض الشركات لترسخ هذا المفهوم بسعودة قطاعاتها بالكامل رغم أنها توفر دخلا شهريا متدنيا؟ وقد تقدم أعمالا لا ترقى للطموح أو الشهادة العلمية، مما يعني أن هناك استغلالا واضحا لذهنية الناس الخائفة من اجتياح العمالة الوافدة حينما تواجههم العراقيل والصعوبات لدخول سوق العمل، هذا بالرغم أن المجتمع لم يصل إلى مأزق الندرة الذي تعاني منه غالبية دول العالم الثالث.


إذا نظرنا للمجتمع وفق تقسيمه فسنجد أن هناك فئات هي الأكثر حصولا على فرص العمل بسبب ترابط العلاقات الاجتماعية بقيادات السوق أو من يرتبطون بهم، ومن مبدأ النفعية التي يُعتمد عليها كأسلوب يمكن الفرد من الحصول على فرصته حتى ولو كان يفتقد كفاءة الحصول عليها، بالمقابل هناك فئة كبيرة من الشباب الذي لم يجد دورا وظيفيا يحسنون منه ظروفهم المعيشية وإن حصلوا عليه فبراتب متدن، من ذلك أخذ الغبن المعيشي يهدد حياة الشباب البعيدين عن تلك العلاقات، والأمر ينسحب على الأمن الاجتماعي والبناء النفسي للفرد، ومن جانب آخر لا يقل أهمية؛ فبدلا من أن يكون الفرد واعيا ويعرف حقه سنجده يستجدي الناس باحثا عن «واسطة» ينتفع منها.

إن الواسطة في شكلها المحوري والخاص هي السلطة التي تسيطر على فرص التوظيف والعمل وهي بالتالي تهمل جانبا كبيرا من التركيز على تعيين الكفاءات، الأمر الذي يعني بالضرورة عدم حصول ذوي الاختصاص على فرصهم في العمل، وهذا يهدد نجاح العمل المؤسسي بشكله الكامل والشمولي، لأن ذلك يشكل ثغرة من الضعف وبدورها ستؤثر على جودة الأداء في أي بيئة عملية.

من ذلك فلا بد من أن تعمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على تحديد المسارات المهنية وفق مسارات التدريب المهني اللاحق للتخصصات الدراسية في اعتبارات التوظيف، وتضع الأنظمة التي يصعب تجاوزها للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، سعيا في إلغاء جميع ما يتعلق بالأساليب التي تفتح أبواب التنافس على الولاء والتقرب والمصلحة وليس على مستوى العمل الحقيقي والإنتاج.