-A +A
عبدالمحسن هلال
بعد مطالبة كثيرين للوزراء بالخروج لشرح قراراتهم التقشفية الأخيرة، جاءت الاستجابة خجولة باردة، ظهر بعضهم في برنامج حواري مسجل مسبقا وممنتج لاحقا، ولا أدري لماذا لم يظهروا، ككل وزراء العالم، في مؤتمرات صحفية مفتوحة يشارك فيها المهتمون ورجال الإعلام المحلي، ولماذا ليس في قنوات تلفازنا الرسمية، هل نلغيها هي الأخرى أيضاً؟!

لا تنقص وزراءنا الأفاضل الثقة بالنفس ولا المعلومات، فلماذا يبخلون على مواطنيهم بالحوارات المباشرة، ويمنحونها بكل أريحية لكل مواطني وإعلام الدول الأخرى؟


لا يسع التعليق على كل ما قيل، وما سأقول مجرد رأي شخصي يحتمل الخطأ والصواب، تماما كآرائهم، صحيح أن لديهم المعلومات والإحصاءات الكاملة، لكن الأصح أيضا أنهم لم يظهروها ولم يتحدثوا عنها، كانت أجوبة معلبة تنقصها الشفافية لأسئلة مجهزة تنقصها الاحترافية. إن كان الهدف طمأنة المواطنين، أو ترشيد غضبهم تجاه مصدر رزقهم، فقد حدث العكس، زادت الشوشرة من بعض الأقوال المرسلة غير المحسوبة، كالقول إننا كنا مهددين بالإفلاس خلال ثلاث سنوات لولا هذه الإجراءات التقشفية، كأنما الحديث هنا عن شركة سينقذها من الإفلاس 133 بليون ريال، هي مجموع ما ستحصل عليه الخزانة العامة من إجراءات التقشف هذه، وليس عن دولة لها مقوماتها ومقدراتها الاقتصادية الكبرى التي أدخلتها مجموعة العشرين لأقوى اقتصادات العالم، ولها احتياط مالي هو الثالث على مستوى العالم، غير صناديق السيادة التريليونية الثلاثة، حسب تصاريح وزارة ماليتنا سابقا ولاحقا.

لفتني أيضا رأي الوزارة المسؤولة عن تخطيط مستقبلنا، أن الصرف على التعليم العالي ترف لا عائد له، التعليم الذي يبني مستقبل الأمم يعتبره معالي النائب ترفا، سأحسن الظن وأقول أن معاليه خلط بين إصلاح التعليم الجامعي وبين الصرف عليه وهما أمران جد مختلفان، وصحيح أنه يجب محاسبة الجامعات على نوعية مخرجاتها، وكيف انتهت نسخا متشابهة، لكن السؤال لماذا لم تخطط وزارة تخطيطنا لبدائل للتعليم الجامعي والعالي كيلا يكتظ بشباب لم يجدوا معاهد مرادفة أو مؤسسات موازية تجيد إعدادهم للوظائف الوسطى التي يحتاجها خريجو التعليم العالي كالمهندسين والأطباء والمعلمين، كل منهم يحتاج أكثر من مساعد لأداء مهمته، والأهم كيف تتبنى وزارة تخطيطنا بالأمس اقتصاد المعرفة طريقا لتحقيق الرؤية، وهو يعتمد بكثافة على التعليم العالي، آخر وليس أخيرا، كيف سيكون المستقبل الذي سترسمه الوزارة وهذه نظرتها لأهم مراحل التعليم المعد لكل العلماء والمخترعين والمحدد لمستقبل الأمم. الجميع كان يتوقع أداء أفضل من وزرائنا الكرام، شخصيا أعتقد أنهم كانوا أسوأ محامين لأعدل قضية.