-A +A
عبدالمحسن هلال
كنت أقلب أوراقي القديمة فوجدت قصاصة كنت كتبتها أثناء حضوري أحد منتديات التنافسية الدولية بالرياض قبل أعوام قلائل، لفتني حديث جون كاو أستاذ هارفارد السابق الخبير العالمي في عالم الاختراعات ورئيس معهد ومنتدى الاختراعات الكبرى، والمستشار لعدة دول، قال في عشر دقائق ما يمكن إجماله في عشرين ساعة، أما تفاصيله فتلك قصة أخرى. تحدث عن الجغرافيا الجديدة للاختراعات، وأن كل الدول والشركات منهمكة حاليا لتطويع التطبيقات الاختراعية لمصلحتهم، ويسلكون طريقين لتحفيز الاختراعات والمكتشفات، التقنية المتسارعة والمقاول أو المغامر الحضاري، وانتهى إلى أننا نعيش عصر استغلال المعرفة، بعد أن عشنا عصر المعرفة وثورة المعلومات.

تركت الأوراق وتأملت حالنا، لا مع الاختراع فهذه مرحلة نهائية لشيوع المعرفة العلمية التالية لمراحل التعلم المختلفة، ولتوافر مراكز أبحاث جدية، ووجود من يؤمن بالبحث العلمي طريقا للتنمية، وإنما سرحت مع حال تعليمنا. وكبرعم شائك قفزت لذهني مقولة مسؤول عن تخطيط مستقبلنا، أن التوسع في التعليم ترف، لحسن الحظ طردها من الذهن تذكر موقف آخر بذات منتدى التنافسية، وقف رئيس شركة أرامكو حينها يفتخر بمنجزات شركته معتبرا إياها درة البلاد ومصدر فخره، جاء الرد مزلزلا، وللأسف من رجل أجنبي، ولغرائب الصدف كان السفير الأمريكي وقتها، قال بل درة السعودية هم طلابها وجامعاتها ومعاهدها العليا التي تعدهم للمستقبل، أما النفط فسلعة ناضبة.


أتجاوز من يخلط بين أهمية التعليم، العالي خصوصا، وبين نقد التعليم، مناهجه وأنواعه وأهدافه وحتى كيفية الصرف عليه وسوء التوزيع، حتى لا أقول الهدر، في طرق تمويله، لأسأل عما يجري داخل الصندوق الفاصل بين مدخلات التعليم ومخرجاته. كنت قد سألت في محفل عام وزير تعليم أسبق، إذا صح أن الوزارة تجد مقاومة من فئة اجتماعية لتطوير المناهج الدينية، فماذا إنجازها في العلوم الطبيعية والتطبيقية، وقد رصدت لتطويرها مليارات، وهي مطلب جميع فئات المجتمع؟ والسؤال مازال قائما للوزير الحالي. هذه العلوم هي التي ستقودنا لمرحلة الاختراع والاكتشاف حتى لا نظل عالة على العالم في مأكلنا ومشربنا وغذائنا وعلاجنا.

كل المأمول من الوزارة التوجه لفتح الملفات الرئيسة، كيف يصح أن نبحث عن فرص وظيفية لشبابنا في المطاعم وحلقات الخضار وهم ثروة الوطن، كيف نهدر تشكيل عقول يمكنها التعامل مع التقنية لتساهم في عجلة التقدم وصنع المستقبل. ثلاثة عناصر نود من الوزير اعتبارها أولويات: المعلم والطالب والمنهج، حتى لو كانت المدرسة مستأجرة أو صندقة صفيح، مسار العملية التعليمية مرتبط بحسن إعداد هذه الأعمدة الثلاثة، وجميعنا يتذكر قول شاعر نسيت اسمه: العلم يرفع عماد وطن إذا نفد نفطه، والجهل يعيد إنتاج أدوات التخلف.