-A +A
حمود أبو طالب
بمناسبة اليوم العالمي للسكري عممت وزارة الصحة رسالة للشعب السعودي تفيد بأن واحداً من كل أربعة أشخاص إما مصاب أو في مرحلة ما قبل السكري، ونصحت بممارسة الرياضة ٥٠ دقيقة لثلاثة أيام في الأسبوع لتحفيض احتمال الإصابة بالمرض. الصحف نشرت هذه المعلومة يوم أمس مع تأكيد المتخصصين بأن نسبة الإصابة بلغت ١٧٪‏ من سكان المملكة. وبالتأكيد ستمر مناسبة اليوم العالمي على طريقتنا الخاصة، تصريحات وندوات مغلقة تنتهي بنهاية اليوم وينتهي معها كل شيء، وكأننا لسنا إزاء كارثة صحية تزداد سوءا مع الوقت.

قبل سنوات حذرت منظمة الصحة العالمية من خطورة زيادة نسبة المصابين بالسكري لدينا وأشارت إلى وصفه بالانتشار الوبائي للدلالة على خطورة الوضع. المجلس التنفيذي لوزراء الصحة لدول الخليج اجتمع أكثر من مرة بخصوص هذه القضية وأصدر توصيات لم نشاهد تطبيقا عمليا لها في الواقع. ومع تزايد نسبة المرض استمرت الجهات المقدمة للصحة لدينا وعلى رأسها وزارة الصحة شبه متفرجة فقط دون تحرك علمي مدروس لمواجهة هذا الخطر، لا من الناحية التوعوية المنهجية الفعالة على المستوى الوطني، ولا على المستوى العلاجي المتكامل للسيطرة على مضاعفاته والحد منها. السكري مرض يمكن التعايش معه إذا تم تشخيصه في الوقت المناسب وتمت توعية المريض بأسلوب علمي عن تنظيم غذائه ودوائه وبرنامج متابعته، لكن الذي يحدث لدينا أن نسبة كبيرة من المرضى لا يتم اكتشافهم إلا في مرحلة متقدمة عند حدوث المضاعفات. اسألوا أطباء العيون وجراحة الأوعية الدموية والقلب والكلى عن حالة مرضى السكري الذين يراجعونهم بسبب التشخيص المتأخر وعدم تكامل منظومة العلاج الأساسية للمرضى، وهزال برامج التوعية والتثقيف الصحي. بلد يصاب فيه كل واحد من أربعة أشخاص بالمرض يجب أن يكون في حالة استنفار قصوى لمواجهة هذه الكارثة لأنه سيفقد نسبة كبيرة من قوته البشرية المنتجة في ظل تواضع برامج الوقاية والعلاج، لكن الذي نفعله هو الاحتفال باليوم العالمي ببعض البروشورات والتصريحات وننسى الموضوع في اليوم التالي.


قبل حوالى 30 عاما كانت قبرص تواجه مشكلة صحية صعبة بسبب انتشار مرض الثلاسيميا (أنيميا البحر المتوسط) وهو مرض وراثي متعب، فتحولت مكافحة المرض والسيطرة عليه إلى أهم موضوع في الحملات الانتخابية للسياسيين، ورغم إمكاناتها البسيطة تمكنت من السيطرة عليه بشكل مبهر. وهنا يعاني أكثر من ١٧%‏ من مرض عضال يزداد سوءاً ونحن نرفع شعار «وقفه عند حده» لكننا لا ننفذ برنامجا وطنيا شاملا فعالا لتطبيق هذا الشعار.