-A +A
سعيد السريحي
حين يتمكن محتال وصفه التقرير الذي نشرته صحيفة الوطن يوم أمس بالأمي من خداع 600 مواطن وجمع 120 مليون ريال منهم ومن ثم الفرار بها إلى خارج المملكة فإن وصف الأمية عندئذ لا ينطبق على ذلك المحتال بقدر ما ينطبق على أولئك المواطنين الذين صدقوه فيما يدعيه من توظيف أموالهم بفوائد تدر عليهم ثراء سريعا وأرباحا تبلغ 80 % مما يودعونه لديه من الأموال.

وإذا كان عدم حمل ذلك المحتال لأي شهادة دراسية سببا في وصفه بالأمية فإن الأمية الحقيقية إنما هي تلك التي اتصف بها من وثقوا فيه دون أن يتوثقوا من مشروعية عمله وحقيقة وعوده وسلامة الإجراءات التي يتخذها من أجل تحقيق ما وعدهم به من ثراء سريع.


أولئك الذين عرفوا الطريق إلى الأجهزة الأمنية فلاذوا بها حين تكشفت لهم حقيقة ذلك المحتال بعد أن أغلق مكتبه وهرب خارج المملكة كان الأولى بهم أن يعرفوا طريق الأجهزة الرسمية الأخرى فيتوثقوا منها حول شرعية عمل ذلك المحتال ونظامية توظيفه للأموال وحقيقة ما كان يدعيه من هامش ربحي لما يودعونه لديه من أموال.

قضية ذلك المحتال «الأمي» الذي خادع 600 مواطن وهرب بأموالهم أنموذج متكرر منذ عقود لعمليات توظيف الأموال بطرق غير شرعية يقع ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين وغير المواطنين ممن تغريهم وعود الربح السريع عن التحقق من شرعية ونظامية ما يتم توظيف أموالهم فيه، بل والتغاضي عن احتمال أن تكون تلك الأموال موظفة في عمليات غير نظامية ما دامت تدر عليهم أرباحا وفيرة، ثم لا يلبثون أن يفيقوا من غفلتهم و«أطماعهم» على فجيعة خسائرهم الفادحة ووقوعهم ضحايا لعمليات نصب لا يكاد المجتمع يفيق من واحدة منها حتى تفجعه أخرى.