-A +A
محمد أحمد الحساني
يتحاور كتاب ورجال أعمال على مستوى الصحف وربما في المجالس الخاصة حول مسألة فرض رسوم قدرها ألفا ريال على من يكرر العمرة المرة تلو الأخرى، وأعربوا عن مخاوفهم من أن تؤدي الرسوم إلى انخفاض في أعداد المعتمرين عما كانت عليه قبل الإعلان عن تطبيق الرسوم وأن معظم الأبراج والعمائر المخصصة لإسكان المعتمرين في أم القرى ستظل خالية خلال موسم العمرة الأمر الذي سيؤدي إلى خسائر جمة للمستثمرين في هذا المجال.

ولما فتح باب العمرة على مصراعيه اعتباراً من غرة شهر صفر الماضي تدفق المعتمرون وسجلت إحصائيات وزارة الحج والعمرة ارتفاع أعدادهم إلى الضعف عما كانوا عليه في السنوات السابقة وأن المتوقع أن يستمر تدفقهم على مكة المكرمة على مدى عشرة أشهر، قبل أن يدخل موسم التأشيرات لأداء مناسك الحج أو الحج والعمرة معاً اعتباراً من شهر شوال القادم.


هذا التدفق والزيادة الكبيرة في أعداد المعتمرين يؤكد أن قراءة الكتاب وتحليلات الاقتصاديين لم تكن في محلها وإنما مجرد لغط وربما هو نوع من الغوغائية والتوقعات الضحلة والكلام الذي يلقي على عواهنه دونما أية دراسة علمية أو حتى واقعية.

ولو بحث أولئك الكتاب مسألة الرسوم من زاوية عدم فرضها لارتباطها بأداء نسك مع أنه نسك واجب مرة في العمر ولا تؤخذ الرسوم لمن جاء للعمرة لأول مرة، لو فعلوا ذلك لكان لرأيهم مجال للحوار والنقاش حوله، لاسيما أن الدولة ظلت تؤكد على مدى عقود أنه لا رسوم على العمرة أو الحج، ولكن «الأفندية» ربطوا الرسوم ربطاً غير محكم بمسألة انحسار عدد المعتمرين فأتت الحقائق لتخالف توقعاتهم وتحليلاتهم المتهافتة.

أما واقع الأمر فهو أن الرسوم قد فرضت -كما يبدو- لتشجيع المعتمرين على أداء عمرة واحدة وترك المجال لغيرهم ليؤدوا عمرة الفريضة، فإن أبوا إلا التكرار طولبوا بدفع رسوم سوف تسخر عاجلاً أم آجلاً في الارتقاء بما يقدم للمعتمرين والحجاج من خدمات في أم القرى والمشاعر المقدسة.

وقد استفاد من عملية التهويل حول رسوم العمرة التي ستفرض على من يكررها بعض المستأجرين لأبراج وعمائر مملوكة لمواطنين، حيث بدأوا يطالبون الملاك بتخفيض الإيجارات بزعم أن موسم العمرة «مضروب.. مضروب يا ولدي» ولست أدري عما سيقولونه الآن بعد أن أكدت الإحصائيات تضاعف أعداد المعتمرين عن الفترة نفسها من العام الماضي!

إن لدي توقعات عما سيفسر به المهولون مسألة تضاعف أعداد المعتمرين بعد الإعلان عن الرسوم لأن بعضهم من جماعة «عنز ولو طارت!»، وسوف ننتظر لنسمع أو نقرأ تحليلاتهم وتفسيراتهم «العبقرية» لنرى إن كان منها ما يستحق العناية والاهتمام!