-A +A
طارق فدعق
عنوان المقال يرمز إلى النعمة الجميلة التي نأكلها.. روائعها كثيرة: من لونها البرتقالي الجميل اللامع، وتاجها الأخضر، وملمسها الصلب الرائع الذي يوحي لنا بأنها منحوتة من فنان، وأما الصوت التي تصدره عندما تسعد بتذوقها، فهو يرمز إلى عنوان المأكولات الطازجة.. «الفرقعة» التي تسمعها تصدر من فقاعات هواء ومن انكسار منظومة إنشائية رائعة تجعل الجزرة متماسكة بطريقة تعجز عن تحقيقها أفضل الممارسات التصميمية الإنسانية. وكل هذا ولم نصل إلى الطعم المميز للجزر الذي يذكرنا بأهمية حلاوتها الموزونة.. لاحظ أن العديد من المأكولات التي نأكلها اليوم تحتوي على كميات هائلة من السكر للتمويه. وبمناسبة الحديث عن التمويه، فلا بد من ذكر أن الجزر كان في جوهر إحدى حركات «البكش» التاريخية. لنعود إلى أوائل أيام الحرب العالمية الثانية وتحديدا ففي عام 1940 بدأت ترتفع وتيرة الغارات النازية ضد إنجلترا. وكانت إنجلترا تعاني آنذاك من نقص في عدد المقاتلات التي يمكنها التصدي للقاذفات الألمانية. ولكن السلاح الذي أنقذ الإنجليز كان استشعار حركة الطائرات الألمانية قبل وصولها الى الأجواء الإنجليزية بفترة زمنية تسمح للمقاتلات الإنجليزية للإقلاع واعتراضها قبل وصولها الى المدن الإنجليزية. استمرت العمليات الألمانية لفترة صيف عام 1940 في أضخم العمليات الجوية في مطلع الحرب من خلال عملية اسمها «أسد البحر». وفشلت المحاولات النازية في اقتحام الأجواء بشكل يضمن التمهيد لغزو إنجلترا.. طيب وعلاقة كل هذا بالجزر؟ ساهمت إنجلترا في إحدى أهم الاختراعات السرية للغاية خلال أيام الحرب وهو نظام الرادار. وكان في أول أيامه بدائيا، ولكنه كان فعالا في استشعار الطائرات بمجرد إقلاعها طالما كانت على مسافة لا تزيد عن ثلاثمائة كيلو متر من الشواطئ الإنجليزية.. وهي مسافة محترمة نسبة إلى سرعة الطائرات التي كانت بطيئة نسبيا في تلك الفترة.. يعني كانت تعادل فترة تفوق نصف الساعة قبل وصول القاذفات المعادية. ونظرا لسرية الموضوع القصوى، نشرت الاستخبارات العسكرية الإنجليزية شائعات متعمدة أن هناك اكتشافات موثقة مفادها أن أكل الجزر بكثرة يجعل الطيارين يرون في الظلام الدامس، وينمي قدراتهم البصرية بشكل خارق. وحرصت السلطات الإنجليزية أن تجعل الجزر جزءا أساسيا من وجبة الطيارين، وأن يكون الموضوع منتشرا وكأنه من أسرار الدولة التي تم اختراقها. ومما لا شك فيه أن الجزر يحتوي على مجموعة فيتامينات مهمة ومنها فيتامين ( أ )، الذي يساعد في حماية البصر، ولكن الشائعات كبرت الموضوع لتضبيط «البكش». الشاهد أن أسرار الرادار ظلت محمية لفترة خلف عباءة الجزر وفوائده الخارقة.

واليوم ينتج العالم نحو سبعة وثلاثين مليون طن من الجزر سنويا.. أي ما يعادل جزرة واحدة أسبوعيا لكل إنسان على الكرة الأرضية، ولا تبدو وكأنها كثيرة ولكنها من أهم عشرة محاصيل عالميا.


أمنيــــــة:

ترمز الجزرة إلى العديد من الأشياء وربما أهمها هو التحفيز. وكما ذكر أعلاه فكانت أيضا من رموز البكش، والتمويه العسكري خلال الحرب العالمية الثانية.. وسبحان الله أن أحد أهم الرموز الذي ينطبق على الجزر ننساه تماما وهو أنها من النعم الجميلة المفيدة فلنتذكر ذلك، ونحمد الله وهو من وراء القصد.