-A +A
محمد العصيمي
المقصود بهذا العنوان هو أولئك الجهلة والصبية والمتنطعون الذين يدحرجون الأنثى ويتقاذفونها في ملعب تويتر على هواهم وضمن دائرة عقدهم التاريخية منها. وآخر الهم الذي يثقل القلب أن من نبتت له شعرتان على طرفي خده تحول إلى مفتٍ وإلى منظر اجتماعي فيما يجوز وما لا يجوز أن تعامل المرأة على أساسه، إلى درجة أن أحد الأطفال وضع أمتاراً للمسافة التي يجب أن تكون عليها المرأة خلف الرجل إذا سارا معاً في أي مكان، حتى لو كانت هذه المرأة أمه التي تسير مع أبيه.

ويزيد الغيظ والكمد حين يأتي من يرفع عقيرته بأبشع الألفاظ والتوصيفات ضد من يطالبن بإسقاط الولاية، أو يعبرن عن مواطنتهن المساوية لمواطنة الرجل، أو يؤكدن على حضورهن الاجتماعي الكبير في الوظيفة والبزنس والقيادة. كأنه فعلا لا يتصور، أو لا يريد أن يتصور، أن للمرأة عقلا قد يرجح بعقول رجال فشلوا في التعليم وتعطلوا أو تبطلوا وباتوا يعيشون على وظائف زوجاتهم المتعلمات الموظفات المجتهدات.


هناك الآن، لعلم هؤلاء الصبية والمتنطعين، رجال يمدون أيديهم نهاية كل شهر لزوجاتهم كي يعيشوا ويصرفوا على الأسرة التي لولا المرأة لسقط سقفها أول ما يسقط على رأس ذكر البيت؛ الذي يحاولون رفع قدره فقط لذكورته وما ورثه وورثوه من عادات وتقاليد ما زالوا يقاومون ترهلها وسقوطها أمام حقائق المرأة الجديدة. ولست، بالمناسبة، ضد أن تساعد المرأة الرجل وقد ساعدتني زوجتي كثيراً، لكنني ضد أن تقاس المسائل اجتماعياً بالذكورة والأنوثة ويغض النظر عن المتغيرات الإيجابية التي أصبحت عليها المرأة القادرة على الفعل والتأثير في محيطها الصغير والكبير.

ما يطمئنني إزاء هذا المد (التويتري) المتخلف تجاه المرأة أنها منذ سنوات تسير بخطى وئيدة ثابتة في طريقها نحو تحقيق ذاتها واتخاذ قراراتها واختياراتها؛ بعيداً عن كل هذه المطارق الاجتماعية التي تتهاوى تحت أقدامها الواثقة والراسخة في العلم والعمل والإنتاج والاستقلال المادي الذاتي، الذي أعتبره أهم أسباب تقدمها الاجتماعي واحتلالها لمواقع التأثير في كل مكان.

وكما قلت سابقا، في أكثر من مقال ولقاء تلفزيوني، فإن المرأة السعودية تتحول بسرعة من مادة وموضوع للتغيير تتقاذفه صفوف المجتمع إلى صانعة للتغيير الذي لا يؤثر في مكاسبها هي لوحدها بل يؤثر في مكاسب المجتمع ككل. الرجل نفسه سيحقق مكاسب من تقدم المرأة بعد أن يستوعب إنجازاتها العلمية والعملية وأثرها على حياته، ويتعلم شيئا فشيئا من حضورها وإنجازاتها كيف يحترمها وكيف يتعامل معها باعتباره شريكاً مساوياً له تماما بتمام. أما أولئك الرافضون، جملة وتفصيلا، لحضورها وحقوقها فسوف يصبحون ذكريات غير سعيدة مثلما أصبحت أمور كثيرة في حياتنا.