-A +A
محمد العصيمي
غداً ندخل السنة الجديدة 2017 التي قلت سابقا إنها ستكون سنة الحسم لكثير من القضايا الدولية والإقليمية. وها هي ملامحها تظهر في الاتفاق الروسي – التركي لوقف إطلاق النار في سورية. وهو اتفاق، إذا صمد، سيؤدي إلى حالة سورية مستقرة وسينقل عدواه الحميدة إلى مناطق صراع أخرى ما زالت مشتعلة رغم تعب المعتدين وإرهاق المعتدى عليهم بالتشرد والنزوح وفقدان الأمل في حياة يتوافر لها الحد الأدنى من الكرامة والكفاف.

في المقلب الأمريكي فإن السيد دونالد ترمب وعد إسرائيل، المصدومة من الموقف الأمريكي الأخير في مجلس الأمن، بـ 20 يناير مشيرا، بما يشبه التهديد للفلسطينيين والطمأنة للإسرائيليين، أن هذا اليوم لم يعد بعيدا. وهذا يعني، وتذكروا ذلك جيداً، أن تصريحه الأول بعد دخول البيت الأبيض سيكون، مباشرة أو مواربة، عن حق الإسرائيليين في الأمن وبناء المستوطنات. وبالتالي سيضرب عرض الحائط بكل نتائج قرارات سلفه أوباما ووزير خارجيته جون كيري، الذي لم تعرف المنطقة أضعف منه على مدى علاقتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية.


ما يقلقني هو صوم ترمب، منذ انتخابه، عن الكلام عن إيران النووية، الداعمة لمنظمات إرهابية والمزعجة في المنطقة. وما يقلقني أكثر هو «تقية» الإيرانيين في الموضوع السوري بالذات، فهم رحبوا بالاتفاق الروسي – التركي و«تسامحوا» كثيرا مع هذا الاتفاق الذي لا نعرف تفاصيله إلى الآن.

ولأن الإيرانيين لا يتركون مواطئ اعتداءاتهم من دون ثمن فإنني أرجح، بل أنا متأكد، بأننا سنسمع قريبا عن هدية كبرى لهم مقابل هذا الموقف. وقد تكون هذه الهدية من الإدارة الأمريكية الجديدة التي حذرتها طهران مرارا من خرق أي اتفاق تم توقيعه في وجود الإدارة السابقة.

هذا يعني، إذا حدث، أن الأمل بعودة قوة التحالف الخليجي – الأمريكي السابق ضعيف، وأن ما يعول عليه الخليجيون من مواقف ترمب المناهضة لإيران هو محض سراب، خاصة أنه قريب جدا من مواقف روسيا الحليف الوثيق للإيرانيين وشريكتهم في الأزمة السورية وصياغة نتائجها لصالح نظام بشار الأسد. وهذا سيجعل أهداف العرب الداعمين للمعارضة السورية المعتدلة بعيدة المنال بعد أن استبعدوا تماما من مشهد إنهاء الأزمة ومن مباحثات واتفاقيات النظام والمعارضة.

لقد كانت دروس سنة 2016 بالذات كبيرة وقاسية على كل العرب، في مناطق الصراع وفي الدول المستقرة مثل دول الخليج ومصر. وأعتقد أن سنة 2017 لن تكون أقل قسوة رغم ما يبدو من انفراج في الأزمة السورية ومن تفاهمات غير معلنة هنا أو هناك. وإذا أضفنا إلى ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة في كل دولة فإن هذه السنة ستكون بالفعل سنة عنق الزجاجة في علاقاتنا الدولية والإقليمية وفي أوضاعنا الداخلية.