-A +A
محمد أحمد الحساني
في بحر فترة زمنية قريبة نشرت بعض مواقع التواصل صورا من العنف الشديد الإجرام ضد أطفال رضع لم يتعد بعضهم شهوره الأولى من عمره، ومنهم طفل رضيع قد لا يزيد عمره عن أربعة شهور تقوم امرأة بصفعة على وجهه البريء الصغير بقوة لأنه كان يبكي من ألم أو جوع، وهي تأمره بالسكوت وكلما صفعته وزاد من بكائه توترت أكثر وأنهالت عليه صفعاً بلا رحمة فإذا بدأ صوت الرضيع يخفت من شدة الاختناق من البكاء والألم توقفت لثوانٍ ثم عاودت الصفع بينما يوجد في الغرفة نفسها من يصور تلك الجريمة النكراء وكأن قلبه قُدَّ من حجر وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، ولست أدري إن كان ذلك الرضيع قد بقي على قيد الحياة بعد أن ناله من الصفع الشديد القوي ما ناله أم أنه رحل إلى ربه، مع توقع أن يكون قد لحقه أذى كبير في حالة بقائه حياً بعد كل ما جرى له من عذاب!

وهذا طفل آخر لا يتجاوز عمره العامين تقوم امرأة بحمله وضربه وقذفه ليرتطم بالأرض وركله، والجري خلفه والإمساك به من رقبته والتطويح به في الهواء ليقع من علٍ على الأرض مكررة فعلها عشرات المرات وكان هناك أيضاً من يصور تلك الجريمة بلا شفقة ولا ضمير، وطفل رضيع ثالث في عامه الأول يوضع في حوض للاغتسال عارياً تماماً ويظهر أنه ربما كان يصب عليه ماء بدرجة حرارة لا يطيقها فيبكي بحرقة ويحاول الهرب «حبواً» فيتزحلق جسده الغض كلما همّ بذلك ويلسع الماء جسده فيكرر المحاولة ولكن لا فائدة، ولا تظهر صورة من يقوم بتعذيبه وتصويره كما في حالة الطفلين السابقين.


لقد كان ما نشر صوراً تجسد عدم الرحمة وقسوة القلوب وعدم المبالاة بأية عقوبة أو مساءلة وتباهيا بارتكاب جرائم مروعة ضد البراءة وضد مشاعرنا الإنسانية، ولم أجد في مواقع التواصل ما هو مطلوب من تفاعل وهي المواقع التي يجيد معظم مرتاديها الردح وتَسَقُّط الأخطاء اللفظية عند كل صغيرة وكبيرة، وأتساءل عن الشؤون الاجتماعية وزارةً وفروعاً وعن حقوق الإنسان وعن الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر وعن غيرها من الجهات التي يجب أن يكون لها موقف قوي وفوري من هذه الجرائم الكبرى فإن كانت ترتكب في وطننا فإن من الواجب الوصول بأقصى سرعة إلى المجرمين والمجرمات فلا تأخذهم فيهم رأفة ولا رحمة، وإن كانت هذه الجرائم تقع خارج البلاد فيجب أن يحاسب من يتداولها ويروج لها على أنها تقع بين ظهرانينا وهي في جميع الأحوال جرائم منكرة ومروعة حتى لو حصلت في أقصى الأرض أو أدناها، ولكن كونها ترتكب في الداخل يحمل جهات الاختصاص والمجتمع مسؤولية معاقبة مرتكبيها عقاباً شديداً يردع غيرهم من المجرمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.