-A +A
عبدالمحسن هلال
ظلت مظلات المسجد النبوي الشريف معطلة شهرا كاملا مرشحا للزيادة، الشركة المشغلة ليس لديها فنيون سعوديون متخصصون، ولا أدري ماذا تشغل، هل ضغط زر فتح وإغلاق المظلات يعتبر تشغيلا وآلة توقيت صغيرة يمكن أن تؤديه؟ يبدو أنها شركة وسيط بين المستفيد من الخدمة ومقدمها، فالصيانة لشركة ألمانية مكلفة بإرسال قطع الغيار وإيفاد فنيين لتركيبها، وتباطأت في تقديم خدمتها (عكاظ، 30 ديسمبر) حال هذه الشركة الوسيط مجرد مثال بسيط لطرق إدارة قطاعينا الخاص والعام لمشاريعهم، وربما لطرق تعاطينا كمجتمع مع التقنية ككل، مجرد مستخدمين لا نحسن فهمها، إلا أن هذه قصة أخرى.

مشروع المظلات له سبع سنوات، وهو مشروع حيوي ومفيد والحاجة إليه مستمرة، لم تفكر لا الشركة المشغلة ولا رئاسة الحرمين، لن أقول في توطين الصناعة، أقله إيجاد كوادر فنية محلية، مشروع كلف نحو خمسة مليارات ريال يستحق أن تقام لخدمته عدة مشاريع وصناعات محلية، لتوفير قطع الغيار وتصنيعها، تدريب سعوديين لأعمال الصيانة، معاهد لتطوير الفكرة أو اختراع غيرها، وهذه جميعها توظف شبابا عاطلا وتوطن تقنية عالمية، بدلا من مجرد شرائها واستخدامها والاستمرار عالة على غيرنا. قلت مثل هذا الكلام قبل نحو ثلث قرن في رسالتي حول نقل التقنية، وللأسف استمر الحال حتى صرنا عالة على العالم في مأكلنا ومشربنا والتقنية التي نستخدم على طريقة «وجهها» للسائق الغشيم الذي لا يعرف سوى إمساك الدركسيون أو «الطارة» كما يقول عامتنا.


هناك عدة مشاريع حكومية وخاصة ناجحة يمكن أن ينشأ على هامشها مشاريع ومعاهد تمدها بخامتها وأدواتها وكوادرها الفنية والإدارية لتوليد فرص وظيفية جديدة، المستشفيات مثلا أو محطات تحلية المياه أو مقاولات الإنشاء والتعمير، كل مصنع ومعمل يحتاج أدوات أولية وكوادر، لماذا نلجأ لاستيرادها إذا كان ممكنا تصنيعها أو إعدادها محليا، وجميعها مربحة حيث الصناعة الأم موجودة ومستمرة والطلب عليها مستمر، وكثير منها يمكن تحوير إنتاجها إذا طرأ أمر وتوقفت الصناعة الأساس. أين هيئة الاستثمار العامة والقطاع الخاص عن هكذا مشاريع كل المؤشرات تقول بجدواها الاقتصادية؟

لماذا هذه النظرة الضيقة لما تم إنشاؤه وهذه الاعتمادية والسهولة في الاستيراد، حتام نستمر في تقديم رأس المال المادي لأي مشروع ونستورد باقي عناصره الإنتاجية، بل انظروا للمشاريع الصغيرة لشبابنا وشاباتنا، تذكرون فترة افتتاح محلات العصائر والمشاغل النسائية وتصفيف الشعر حتى لم يبق شارع بأي مدينة إلا وبه محلات متشابهة لا تبعد كثيرا عن بعضها وربما متلاصقة، تكرر الأمر الآن مع محلات تقديم الشاي والقهوة بمحطات الوقود، ثم تكرر مع شاي الجمر، إذا شاخ تفكير شيوخ رجال أعمالنا وبيروقراطيينا، أليس لدى شبابنا إبداع.