الرئيس عون مع رئيس الوزراء اللبناني وأعضاء الحكومة الجديدة.  (أ .ف. ب)
الرئيس عون مع رئيس الوزراء اللبناني وأعضاء الحكومة الجديدة. (أ .ف. ب)
عون خلال أدائه اليمين في البرلمان اللبناني.
عون خلال أدائه اليمين في البرلمان اللبناني.
-A +A
فهيم الحامد (جدة)
لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون للسعودية اليوم (الإثنين) بأنها زيارة بروتوكولية تقليدية؛ كونه اختار الرياض محطة أولى له خارجيا منذ توليه منصبه في أكتوبر الماضي، متجاهلا دولا أخرى تتعطش لزيارته، وقرر لقاء القيادة السعودية لإذابة الجليد في العلاقات السعودية ـ اللبنانية في العهد اللبناني الجديد، الذي سيكون حريصا على إنهاء التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني، هذه التدخلات التي أدخلت لبنان في الشغور الرئاسي، لاختطافه وجعله رهينة لقراراتها التي أبعدت لبنان، هذا البلد العربي الأصيل من عمقه وارتمائه في أحضان الآخرين الذين جعلوا منه ساحة للطائفية.

عون الذي يبدأ اليوم زيارته للسعودية، يعتبر رئيس العهد اللبناني الجديد، ويمثل الوحدة الوطنية وجميع التيارات والطوائف اللبنانية والتي أنتخبته للبنان الجديد البعيد عن الطائفية والإرهاب.. لبنان لجميع اللبنانيين.


ويقول المستشار الإعلامي للرئيس اللبناني رفيق شلالا إن الرئيس عون عندما يزور السعودية فهو يمثل لبنان في العهد الجديد ويمثل أيضا جميع الطوائف والتيارات التي انتخبته بالإجماع.. ويضيف شلالا «الرئيس عون يتطلع لهذه الزيارة بكل اهتمام».

زيارة ليست تقليدية

وتابع قائلا «حتما الزيارة ليست تقليدية وبروتوكولية وإنما زيارة هامة تلبية لدعوة كريمة من الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يحظى باحترام وتقدير كبير من الرئيس عون». وزاد «الزيارة تحظى بأهمية قصوى وتأتي في توقيت خطير، إذ تتلاطم أمواج الأزمات في المنطقة ويهمنا التنسيق والتشاور مع السعودية التي وقفت مع اللبنانيين في أحلك الأرمات».

السعودية التي اعتبرت لبنان على الدوام دولة إستراتيجية مهمة في المنطقة لم تبتعد عنه كثيرا، وإن كان البعد الذي حصل أخيرا يصب في مصلحة لبنان لكي يعيد اللبنانيون قراءة أوراقهم بشكل جيد ويعرفوا عن قرب من هو الصديق الحقيقي من العدو الحقيقي.. لبنان كان حاضرا في عقل السياسة السعودية؛ إذ وصفت العلاقات على الدوام بـ«المتينة والتاريخية والمتجذرة والمتجددة» بسبب أهمية الدور السعودي واللبناني في المحيط العربي، خصوصا أن السعودية كان لها حضور وتأثير في الساحة السياسية اللبنانية، لاسيما في مرحلة إنهاء الحرب الأهلية عندما استضافت الفرقاء اللبنانيين في مؤتمر الطائف الذي أنهى الاقتتال وأدخل لبنان في مرحلة إعادة الإعمار.

السعودية حريصة على وحدة لبنان وساهمت الرياض على الدوام في الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة لبنان، ولم تتدخل في شؤونه، كما أنها كانت على مسافة واحدة مع جميع اللبنانيين وتؤمن بإختياراته الشرعية، بإعتبارها قرارات داخلية. وظهر جليا عندما كانت السعودية من أوائل المهنئين بإنجاز الإستحقاق الرئاسي بلبنان في أكتوبر الماضي، ما أسفر في النهاية عن إنهاء الشغور الرئاسي الذي دام أكثر من عامين ونصف والذي أعقبه تشكيل حكومة لبنانية واستواء السفينة اللبنانية أخيرا على الجودي.

السعودية وقفت مع لبنان

وفي هذا الإطار قال شلالا في تصريحات الى لـ «عكاظ» إن السعودية لم تبخل على لبنان وكان في مقدمة الدول التي وقفت مع الشعب اللبناني في أحلك الظروف، مشيرا إلى تعزيز الشراكة السعودية اللبنانية سيكون الملف الأبرز في القمة السعودية اللبنانية. وأوضح شلالا هناك ملفات مهمة أيضا مثل ملف مكافحة الإرهاب، إذ يحظى هذا الملف باهتمام كبير من الرئيس عون وسيتم مناقشته مع الملك سلمان باستفاضة باعتبار أن البلدين اكتووا بنار الإرهاب وحريصان على اجتثاثه من جذوره.

ولا يمكن تجاهل حدوث برود في العلاقات السعودية ـ اللبنانية أخيرا، إلا أن هذا البرود انتهى بوجود رئيس لبناني صانع قرار، أجمع عليه كل اللبنانيين. ولقد نشطت الدبلوماسية السعودية مع اقتراب انتخاب عون رئيسا؛ إذ أوفدت وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان في أول زيارة لمسؤول سعودي التقى خلالها مع جميع التيارات اللبنانية، وأعقب ذلك زيارة مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكة المكرمة خالد الفيصل، الذي حمل له رسالة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، موجها لعون دعوة لزيارة المملكة التي ستدشن عهدا جديدا من العلاقات السعودية اللبنانية.

دعم لبناني لزيارة عون

وقد يكون هناك تخوفات من أن هناك محاولات من بعض الأحزاب اللبنانية من الإضرار بالعلاقات السعودية اللبنانية في العهد الجديد، وأجاب شلالا على السؤال الذي يشغل بال الكثيرين، إن كان حزب الله يعارض زيارة عون للسعودية قائلا «إن الرئيس عون هو رئيس جميع اللبنانيين وانتخب بالإجماع». وأضاف «لسنا بصدد تقديم كشف حساب حول الزيارة لأحد»، مشيرا إلى أن حزب الله لم يعارض الزيارة ولم يبد شيئا حولها.

وعن مستقبل استئناف المساعدات العسكرية السعودية للجيش اللبناني، الذي يعول كثيرا على الدعم السعودي، أجاب شلالا قائلا «إن مناقشة هذا الموضوع سيتم في ثنايا الحوار مع المسؤوليين السعوديين، مشيرا إلى أن السعودية دولة مهمة للبنان من الضروري فتح صفحة جديدة في هذه العلاقات مع انطلاقة العهد الجديد، وختم شلالا قائلا يهمنا عودة السياح السعوديين إلى لبنان التي تحب السعوديين ونأمل رفع التحذير للسعوديين عن زيارتهم للبنان».

ومن المقرر أن يلتقي عون خلال زيارته التي تستغرق يومين الملك سلمان بن عبد العزيز ويبحث معه سبل تعزيز العلاقات وتطورات الأوضاع في المنطقة. وسيقيم الملك سلمان حفلا تكريميا للرئيس عون والوفد المرافق له. وبحسب شلالا فإن ثمانية وزراء سيرافقون الرئيس عون في زيارة عون من ضمنهم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والمالية الذين سيجرون مباحثات مع نظرائهم السعوديين.. وسيلتقي الرئيس عون خلال الزيارة مع رجال أعمال سعوديين ولبنانيين بهدف تعزيز الاستثمارات بين البلدين.