-A +A
هيلة المشوح
جهود جبارة تبذلها قوات الأمن لدينا في اجتثاث ظاهرة الإرهاب على الأرض تحت قيادة الأمير الفذ ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف، ورغم تلك الجهود ورغم جهود المثقفين لتعرية الإرهاب فكرياً، إلا أن الإرهاب لا يزال يجد له أرضاً خصبة كل يوم ومظهراً مختلفاً وإن غُطي بمظهر التحضر أحياناً والتلون أحياناً أخرى، والسؤال: لماذا هذا النمو والتكاثر؟

برأيي أن إهمالنا بعض الحراك الذي قد يبدو ظاهرياً متلبساً بلباس البراءة والتحضر وداخلياً يمثل كوارث ومستنقعات لا نعي كارثيتها إلا بعد وقوعها للأسف وهذا سبب رئيسي لورطتنا بمستنقع الإرهاب الذي كلما رفعنا قدما علقت الأخرى.


كنت أتصفح أحد المواقع في الإنترنت الذي يمثل «أكاديمية افتراضية» لتدريس العلوم الشرعية والتخصصات كالعقيدة والتفسير والحديث والفقه وغيرها من التخصصات الإسلامية وقد أدرجت أهداف الأكاديمية وعلى رأسها استكمال إطلاق «جامعة مفتوحة» لتكون هذه الأكاديمية جزءاً منها، والوصول إلى «نصف مليون» طالب علم وإيصال دين الإسلام والمحتوى الشرعي إلى أكبر عدد ممكن من الناس وتأسيس نواة طلبة علم ليكونوا «دعاة المستقبل» في شتى الأرض وغير ذلك من الأهداف، ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها بشدة:

هل رخصت هذه الأكاديمية التي من ضمن أهدافها صناعة الدعاة؟

وهل يدرس بها علماء مشهود لهم بالعلم من هيئة كبار العلماء مثلاً؟

وكم أكاديمية أو مشروعا كهذا وما هي مخرجاتها؟

يكمن القلق بخصوص هذا المشروع بأنه لا رقابة علمية ولا أمنية عليه - إن صح ظني- مما يسبب إشكاليات مستقبلية لحساسية بعض الأبواب التي قد تدرس في بعض المواد كباب الولاء والبراء في الاعتقاد وباب الجهاد في كتب السنة وكتب الفقه.

كما أننا نتساءل ما هي الكتب التربوية التي ستدرس هنا؛ هل هي كتب سيد قطب وحسن البنا والمودودي وغيرها ممن جرّت على الأمة الويلات والعداء أو كتب فرختها هذه الأفكار المتطرفة وما كتاب التربية الجهادية عنا ببعيد، وكذلك كتاب الجهاد في سبيل الله الذي يجمع آراء كلٍّ من المودودي وحسن البنا وسيد قطب مجتمعة حول الجهاد، ناهيك عن أن المشرف على الأكاديمية - وهو مقيم عربي - وحسب شهادة بعض أهل العلم من رؤوس القطبية، ومن المشجعين لطلاب العلم على اقتناء كتب الإخوان، وقد سبق له أن دعا الشباب لتعلم «الهاكينق، وفك التشفير، والديجيتل سكيورتي» منطلقاً من «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة».

مثل هذا النشاط وغيره يجب أن يكون تحت أعين الدولة بل ويجب إيقافه إذا ثبت أن له أهدافا لا تخدم مجتمعنا وصورتنا ووضعنا أمام العالم فنحن ننهض من ركام التشدد فلا مجال للتورط بما يعيدنا للخلف مرات وكرات.

هل نحن بحاجة لمثل هذه الأكاديمية بالفعل؟ وهل تندر هذه التخصصات الآنفة في جامعاتنا؟

وهل نحتاج المزيد من الدعاة؟ وما هي الدعوة التي سيقدمونها لنا ونحن أهل الإسلام ومعتنقوه؟

وماذا ستضيف مثل هذه الأكاديمية للمجتمع في الداخل، وما هي الفكرة التي ستحملها للعالم في الخارج، وهل ما ستحمله سينفعنا؟

وهل نعي خطورة تمدد السرورية القطبية المنبثقة من حزب الإخوان؟

تساؤلات راودتني في الوقت الذي نواجه به مشروع قانون جاستا وأنظار العالم تتجه نحونا لمراقبة جهودنا في محاربة التطرف والإرهاب، وفي هذه المرحلة الحساسة تحديداً أظننا لا نحتاج مثل هذه الأكاديمية بقدر حاجتنا لأكاديميات تعيد لنا إنسانيتنا وحياتنا الحقيقية قبل الصحوة والتشدد.

ختاماً أقول..

تكمن خطورة السرورية بأنها فصيل مطور من القطبية التكفيرية، حيث تحمل نفس المبادئ المتطرفة ولكن بما يتوافق مع المرحلة وحسب المتغيرات، وهنا وجب التنبه وشحذ الهمم لمحاربة كل باب، بل كل نافذة للتطرف.