أحمد أبو عمرو الغامدي
أحمد أبو عمرو الغامدي
-A +A
د. أحمد أبو عمرو الغامدي
امتداداً لموروثنا الزراعي والاجتماعي عمدت البلديات وعلى مدار عقود إلى زراعة مئات الآلاف من أشجار النخيل في الشوارع والحدائق بطول البلاد وعرضها، باعتبارها الشجرة المرشحة لتحمل الظروف المناخية القاسية، ومنها قلة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة صيفاً وانخفاضها شتاءً، وباعتبارها الشجرة المباركة ذات المنظر الجميل الذي يسرّ الناظرين والتي تعطي أطيب الثمار وأكثرها قيمة غذائية، فضلاً عن دورها في تنقية الهواء وتلطيف حالة الجو.

وبلا شك أنها جهود جميلة ومحمودة للبلديات، ولكن الملاحظ أن تلك الجهود غالباً ما تتمثل في جلب الأشجار وزراعتها وسقياها دونما العناية الكافية بها لاحقاً!، فليس هناك اهتمام كافٍ بأحواضها ولا بسعفها ولا بتلقيح ثمارها، ولا يوجد استغلال أمثل لتلك الثمار التي قد يلتقطها المارة ويأكلوها بما فيها من ملوثات ومعادن ثقيلة سامة كالرصاص المنبعث من عوادم السيارات، أو أنها تتساقط وتتراكم في الأحواض والشوارع لتشكل مصدراً للتلوث البصري حيث الهدر غير المبرر، ومصدراً غذائياً خصباً للحشرات والهوام التي تتكاثر عليها مسببة الأمراض والمخاطر الصحية العديدة.


وأكبر المخاطر الحالية لأشجار نخيل الشوارع والحدائق أنها أضحت تشكل مأوى مثالياً لحشرة سوسة النخيل الحمراء التي انتشرت في جميع مناطق المملكة انتشار النار في الهشيم وكبدت المزارعين الخسائر الفادحة، وهكذا تحولت هذه الأشجار الغناء الجميلة إلى مصدر خطر وتلوث لم يعد بالإمكان تجاهله والتغاضي عنه.

وبالتالي فإن الاستمرار في زراعة أشجار النخيل في الشوارع والحدائق ليس إلا مخاطرة إضافية من حيث الهدر المالي والمائي واصطياد الأتربة والغبار والملوثات وعوادم السيارات وجلب الحشرات المؤذية والفتاكة كما هو الحال مع سوسة النخيل التي أعيت المزارعين والخبراء والمختصين، وليت البلديات تكتفي بإعادة النظر في الأشجار المزروعة إما باستثمارها عن طريق الشركات المتخصصة التي تديرها إدارة زراعية متكاملة أو تزيلها إزالة كاملة وتستفيد من مخلفاتها وهو العلاج المرّ الذي أخشى أن يأتي اليوم الذي يكون خيارنا الوحيد!

aaboamr@gmail.com