-A +A
هاني الظاهري
التصريحات المثيرة المتبادلة بين نادي جدة الأدبي وجمعية الثقافة والفنون في وسائل الإعلام عن ملكية مبنى تدعيها كلتا الجهتين معيب وغير لائق، ويجب أن يتوقف فورا لأنه يسيء لأدب السعوديين وثقافتهم بالرغم من أنه نزاع عقاري صرف لا علاقة له بالأدب والفن من قريب أو بعيد.

ربما تكشف مثل هذه الضجة عن صحة فرضية أن الأديب والفنان لا يصلحان مطلقا لممارسة أي دور إداري أو قيادي، فهما في الغالب يفتقران إلى الانضباط الوجداني الذي يتعارض في حد ذاته مع طبيعة شخصية المبدع في مجالي الأدب والفن.


أمس الأول تابعت باستياء كبير مناظرة تلفزيونية على شاشة قناة mbc بين ممثل نادي جدة الأدبي ومدير فرع جمعية الثقافة والفنون.. كانت مناظرة معيبة ومسيئة وصلت خصومة وتشنج ممثل النادي فيها إلى مستوى أعتذر عن وصفه بالتافه لكنه كان كذلك بالفعل، إذ تحدث عن استخدام الجمعية لمكيفات المبنى من غير ضرورة وما إلى ذلك من اتهامات سطحية لا يمكن أن ترقى لمستوى النقاش بين ممثلي جهتين تحتضنان نخبة البلاد في الآداب والفنون، وللأمانة أقول إنني لم أستطع إكمال المشاهدة، فقد حزنت على وضع مؤسساتنا التي جعلت تشغيل وإطفاء المكيفات من هموم البلد الثقافية المطروحة للنقاش عبر شاشات التلفزيون.

المثير أن أطرافا محسوبة على الجهتين تطالب منذ أيام بتدخل وزارة الثقافة والإعلام لحل النزاع العقاري بينهما، وعلى حد علمي لا توجد لجنة في الوزارة مهمتها فض النزاعات العقارية، كما لا ينبغي أن تُنسف استقلالية النادي والجمعية بتدخل الوزارة في كل صغيرة وكبيرة تخصهما، وهو الأمر الذي حرص عليه طوال عقود كبار مؤسسي وأعضاء الجهتين عبر تكريس استقلاليتهما معنويا وإداريا، لكن من يقنع الأدباء الجدد ذوي الميول العقارية بذلك ليعودوا إلى رشدهم ويسدلوا الستار على هذه المسرحية التجارية السيئة على الأقل (إعلاميا).

إجمالا بما أن الحقائق المتداولة تشير إلى أن الأرض المقام عليها المبنى المتنازع عليه حكومية تعود ملكيتها لأمانة جدة فإنني أقترح أن تبادر الأمانة بتجيير ملكيتها لصالح هيئة الترفيه، التي أقترح عليها أن تحول بدورها المبنى الجدلي إلى مسرح عمومي أو دار سينما وتشرف عليه بنفسها، كما يمكن أن تطرحه للاستثمار بما يعود بالنفع على السياحة في مدينة جدة بدلا من هذا الضجيج الذي يسيء لصورة الأدب والفن كما أسلفت ولنغلق بعدها هذا الملف نهائيا وننسى كل ما حدث.

أما بالنسبة لحديث منسوبي جمعية الثقافة والفنون عن ضعف مواردها بشكل لا يمكنها من استئجار أو امتلاك مبنى، فهو إن صح يدل دلالة واضحة على فشل هذه الإدارة وضرورة تغييرها فورا بإدارة قادرة على خلق استثمارات وإيرادات للجمعية، وهذا بالمناسبة أمر في غاية البساطة لو تولى ملفه مختصون في التسويق وتطوير الأعمال بدلا من موظفين هم في الأساس فنانون يعتقدون أن تسول الدعم من الوجهاء والأثرياء حل وحيد لاستمرار الجمعية وعدم الإلقاء بها في الشارع.

إجمالا أعرف أن ما أطرحه في هذه المقالة مزعج للطرفين المتنازعين لكني أعرف أيضا أن المجاملة لا مكان لها بعد كل ما حدث، وقد حان الوقت ليسمع مجلس إدارة نادي جدة الأدبي وكذلك منسوبو فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة كلمة (عيب) من كل المتابعين والمهتمين الآن قبل الغد.

hd.alhayat@gmail.com