-A +A
حمود أبو طالب
بدأت تطفو على السطح ظاهرة ستكون نتائجها خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بحزم ووفق أنظمة وقوانين ومعالجة حكيمة تستشعر أبعادها وانعكاساتها حاضرا ومستقبلا على شباب الوطن الذي نعوّل عليه في تحقيق رؤانا واستراتيجياتنا وطموحاتنا الوطنية. إنها ظاهرة بدء استغلال بعض مؤسسات القطاع الخاص لهذه المرحلة التحولية المفصلية الحساسة لممارسة التعسف بالشباب السعودي الذي يعمل فيها وتسريح أعداد كبيرة بشكل مفاجئ باستغلال بعض المواد المطاطية العائمة الهشة في نظام العمل بالقطاع الخاص، إضافة الى التذرع بأنه إذا كانت الدولة تمارس التقشف وتقليص النفقات، وهو الأمر الذي ينعكس علينا، فلماذا لا يكون لنا الحق نفسه أيضاً وبالأساليب التي تناسبنا.

ما هكذا تورد الإبل يا سادة، ولا هكذا تدار الأمور حتى في أسوأ الأزمات. خلال اليومين الماضيين عرف الجميع عن قضية تسريح مئات الموظفين من إحدى الشركات الكبرى بصورة مفاجئة جعلتهم خلال ساعات في خانة العاطلين، وربما دون استلام حقوقهم النظامية عن فترة عملهم. وقبل هذه الشركة مارست بعض الشركات التصرف نفسه، وإذا لم تُضبط الأمور جيدا فسنرى مزيدا من هذا التعسف الذي سيخلق مشكلة وطنية كبرى.


هذه الشركات تحاول بخبث إلقاء اللوم على الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، بمحاولة الإيعاز للموظفين المفصولين أن الدولة هي التي اضطرتهم لهذا الإجراء لأنها لم تعد تضخ المال فيها، ولم تعد تسند إليها مشاريع تكفي الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه موظفيها، لذا فإن الاستغناء عن بعض العمالة نتيجة حتمية لسياسة الدولة، وهذا أمر في غاية الخطورة لأنه قد ينقل الغضب والاحتقان ضد الجهات التي استغنت عنهم إلى الدولة باعتبار إجراءاتها هي السبب الأساسي في كل ما يحدث، وهنا نكون إزاء مشكلة أكبر وأخطر هي الموقف النفسي الذي قد يتكون لدى بعضهم عندما يقتنع بترويج هذا الطرح السام. هذا الموقف سيتولد عنه شعور سلبي تجاه الوطن واهتزاز الثقة في سياسة الدولة وقراراتها، ولنا أن نتخيل نتيجة ذلك على المدى الطويل إذا استمر حقن هذا الشعور في نفوس الشباب.

لا بد من تدارك الأمر سريعا أيها المسؤولون لأنه سيتجاوز مجرد زيادة البطالة إلى ما هو أخطر بكثير.