-A +A
طارق فدعق
وترمز لجمع (الغول)، وتستخدم لوصف المخلوقات شديدة القسوة والخطورة والهمجية. وبين كل حين وآخر، تتم إعادة النظر في التعريف بسبب تصرفات بعض البشر الذين يفاجئون العالم بتصرفات عجيبة. اخترت لكم الْيَوْمَ قصة من حقبة تاريخية وضعت معايير جديدة لوصف ماهية (الغول). بنهاية الثلاثينات الميلادية من القرن الماضي، كانت مصانع دولة التشيك تنتج منتجات ألمانية عالية الجودة، وبالذات في مجال الصناعة الثقيلة. وكأحد إجراءات الاستعداد للحرب التي كانت النازية تجهزها جاءت فكرة تأميم المصالح الألمانية، وكانت إجراءاتها معقدة. فقالوا "بلا وجع راس، لنحتل الدولة بأكملها". يعني لكي أوضح، قررت الحكومة النازية أن تحتل التشيك بأكملها. وفعلا دخلتها بدون «إحم أو دستور» في ربيع ١٩٣٩ ووقف العالم يتفرج. وتم تعيين أحد كبار ضباط هتلر المشهود لهم بالقسوة المفرطة واسمه (راينهارد هايدرك) ليصبح الحاكم العسكري لتأديب البلاد. وكان ممن تنطبق عليه صفات الغول لأنه كأنه يتفنن ويبدع في فنون القتل والتعذيب والإرهاب. بدأ الغول (هايدرك) فترة حكمه العسكري بقتل حوالي خمسة آلاف من المدنيين بتهم ملفقة، علما بأنهم كانوا من الأبرياء وكانت أكبر ذنوبهم أنهم ينتمون إلى القيادات المهنية والفكرية في التشيك. من أطباء ومهندسين وعلماء ومدرسين.. هكذا، من غير ليه.. وقام أيضا بفرض سياسيات إرهاب للمواطنين بدون أي أسباب. وكان هناك تخوف أن تنجرف الدولة من خلال حالة الرعب التي كانت تعيشها لتصبح جزءا من الدولة النازية. ومن هنا ولدت فكرة لاغتيال (غول) العاصمة (براغ) كما كان معروفا لدى الكثيرين في داخل البلاد وخارجها. وفي عام ١٩٤١ بدأت عملية انثروبويد Anhropoid ومعناها إنسان الغابة الأقرب إلى القرد. وكانت الكلمة مبنية على رأي مخططيها في الغول؛ أي أنه أقل من البشر. الشاهد أن العملية تمت بنجاح في ديسمبر ١٩٤١ فتم اغتيال (الغول) أثناء مشواره اليومي لمقر عمله. وجاءت ردة فعل الحكومة النازية كما كان متوقعا: كانت قاسية، وواسعة النطاق، فقتل فيها بدون أي رحمة حوالي ستة آلاف قتيل. وتم اعتقال آلاف الأبرياء وإزالة مجموعة من القرى من الخريطة بالكامل. وتدخل الزعيم النازي أدولف هتلر شخصيا في التخطيط ومتابعة التنفيذ. فكان (بابا الغيلان) بكبره ينتقم لمقتل (غول براغ). وهذه القصة مدونة في تاريخ الأعمال الإجرامية في حق الشعب التشيكي إلى يومنا.

أمنية


المزعج فيما جاء أعلاه أن بعض حكام الشرق الأوسط يقومون بوضع معايير جديدة لجعل «شغل الغيلان» أعلاه يبدو كأنه «لعب عيال». تخيلوا أن المأساة المذكورة أعلاه كان إجمالي عدد ضحاياها أقل من ضحايا مدينة (حلب) قبل صلاة الظهر يوم بدء الهجوم على أهلها خلال الشهر الماضي. أتمنى أن تنتهي هذه الكوابيس المأساوية التي يعيشها العالم الإسلامي والعربي لأننا نضع معايير جديدة لتعريف الغيلان.. والله يكفينا شرهم

وهو من وراء القصد.