-A +A
نادية الصبحي
مازال المسلسل مستمراً، ولم ينجح أي وزير للتعليم في إيجاد حل جذري ونهائي للمعاناة التي تتواصل بشكل منقطع النظير في جميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة، حوادث مفجعة تطالعنا بها الصحف كل يوم لمعلمات ومربيات فاضلات، لا أحد يسأل عن السبب فهو معروف، إنها «حافلات الموت» التي يقودها سائق طائش أو تواجه في طريقها شاحنة متهورة أو طرقات متهالكة!

ندرك حجم الجهود الكبيرة التي يبذلها وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، ونبتهج لبعض القرارات الأخيرة التي ستحول بعض المدارس من مستأجرة إلى مبان نموذجية تحمل بيئة تعليمية صحية، لكن بقيت المشكلة الأهم التي لم تنفع معها المسكنات، شابات يانعات يبدأن مشوارهن العملي في محافظات وقرى نائية بعيداً عن أسرهن، تجارب مريرة تحمل بعضها الكثير من الآلام والمواجع.


تفكك أسري إجباري تضطر إليه بعض الأسر بسبب قررات غريبة تبعث بمعلمة إلى بيشة في حين تعيش أسرتها في جدة أو المدينة، فهذه قصة حقيقية لشابة أخذت بناتها الصغار الثلاث واستأجرت شقة في قرية بالجنوب، وتركت زوجها وأبناءها الذكور يعيشون في مدينة أخرى، خوفاً أن تضيع عليها فرصة التعيين، دون أن تعمل حساباً لنزيف الأسفلت وشبح الحافلات الذي يهاجم المعلمات يومياً. قصة هذه الشابة المسكينة ليست الوحيدة.. لكنها واحدة من آلاف القصص التي تتداول يومياً، أما قصص الحوادث التي تذهب ضحيتها عشرات المعلمات فحدث ولا حرج، إنها مأساة تسحقنا من الداخل وتزيد من مواجعنا دون تحرك حقيقي، رغم أن العلاج ليس مستحيلاً، والحلول لن تأتينا من كوكب المريخ.

الحل باختصار يتمثل في قاعدة بيانات قوية وشبكة تعليمية متفرغة تضم أسماء كل العاملين في هذه الوزارة، حتى تصبح عملية النقل بين المدارس إلكترونية كاملة، بحيث تفتح الوزارة عملية النقل كل 6 أشهر، وتتاح الفرصة لكل معلمة أن تدخل وتسجل معلوماتها وتضع ثلاث رغبات للأماكن القريبة من محل إقامة المعلمة، ويصبح بإمكان المعلمة التعرف من خلال هذه الشبكة الإلكترونية على حركة نقلها خلال فترة وجيزة. لم يعد هذا الأمر صعبا في ظل العدد الكبير الذي تخرجه الجامعات من معلمات مؤهلات في جميع مدن ومحافظات المملكة.. والحل يحتاج فقط إلى إرادة قوية وتطبيق حازم وصارم من وزارة التعليم التي يديرها في الوقت الحالي وزير قوي ومتحمس لديه الكثير من الأفكار التطويرية التي لن تكتمل إلا بوجود بيئة صحية للمعلمات اللاتي يشكلن أحد العناصر المهمة في العملية التعليمية.