-A +A
هيلة المشوح

@hailahabdulah20



على مدى أكثر من نصف قرن مرت المملكة بعدة متغيرات وتحولات اجتماعية لم تكن حتماً بالمستوى الذي يواكب العالم ويجعلنا كمجتمع في المكان اللائق نسبياً من حيث التقدم والحياة الطبيعية قياساً بقوة اقتصادنا وتوفر كل الأسباب لمواكبة العالم.


لو جعلنا للتقاليد حيزاً في هذا التأخر فنحن نتعامى عن كون هذه التقاليد كانت موجودة حين كان مجتمعنا متسامحاً ومتقبلاً للآخر ولم يكن يتوجس من بعض الأمور التي أصبحت في وقتنا الحاضر معضلة حقيقية كالمرأة على سبيل المثال، ولكن إنصافاً لمجتمعنا وتقاليده وعاداته فقد كان للصحوة أثر كبير في إيقاف عجلة الحياة في المملكة ولست أبالغ حين اقول إنها أعادتنا مئة عام إلى الخلف.

الصحوة أيديولوجيا فرضت نفسها بقوة العاطفة الدينية التي تسكن كل فرد في مجتمع متدين في الأصل ويقيم اعتبارات كبيرة لدينه، ولكن الصحوة تغلغلت في عمق النفس للفرد حتى جعلته متوجساً لا يتحرك إلا بفتوى ولا يتنفس إلا بفتوى ولا يتحدث إلا بفتوى، فالواعظ ومنابره هو دائرته التي يتحرك بها ولا شيء غيره.

تعمقت هذه الأيديولوجيا في المجتمع حتى أصبح الخلط واضحاً بين تعاليم الدين السمح والغلو والتطرف وكلنا نعلم أن الأيديولوجيات تتحول مع الوقت من مجرد فكرة إلى تطبيق عملي لهذه الفكرة، والتطرف عملياً أنتج الإرهاب الذي ندفع الآن أثمانا باهظة لاجتثاثه، أثمانا من استقرارنا وأرواح أبنائنا وجنودنا، فضلاً عن استنزاف ميزانياتنا وعتادنا العسكري.

المحصلة النهائية لتوغل الصحوة في أدق تفاصيل حياتنا هي ما نعاني منه حالياً من عزلة عن العالم وتقوقع حول الذات، نستخدم منتجاته وتقنياته ونتباهى برفضه، نتعجب وننبهر من حضاراته وتقدمه ثم نقابله بالعداء ونظريات المؤامرة والتأليب!

النتاج واضح لا يحتاج التفكير، فرفض كل جديد منذ الأزل حتى يومنا هذا لهو مثال صارخ على تناقضاتنا أمام العالم والغرب بالأخص حين نحارب منتجه ثم نستسيغه عندما يفرض قسراً، أليس بيننا الآن من يحارب السينما حالياً، بل وجعلها حرباً ضد الفسق والفجور؟

فماذا سيحدث عندما تصبح واقعاً بعد حين؟

أعتقد أن جميعنا يعرف السيناريو.. فلا تتعجبوا عندما تزدهر (صناعة) السينما ابتداءً بـ«أبا قتادة للإنتاج السينمائي الإسلامي»!