-A +A
مي خالد
يمكننا أن نعرّف السردية التاريخية بأنها الرواية والحكاية التي يرويها الوطن لأبنائه كي يرسم لهم جميعا خطا مصيريا واحدا ويمزجهم في هوية وطنية واحدة على الرغم من اختلافهم المذهبي والطائفي والإثني واللغوي وبالرغم من تعدد الأحزاب السياسية والتصنيفات والطبقات الاجتماعية.

في السعودية تقوم دارة الملك عبدالعزيز بعمل جيد في ما يتعلق بوضع خط عريض للتاريخ السعودي في دوله الثلاث. عبر موسوعاتها ومخطوطاتها وكتبها وهي تضطلع بمهمة قريبة من مهمة القائم على وضع سردية تاريخية تجمع السعوديين لكن المسؤولين عن الدارة قد لا يعون ذلك، خاصة وهم بعيدون كل البعد عن الإعلام وعن المناهج الدراسية والرحلات المدرسية أو التنقل بمتاحف مُصغّرة حول المدن والقرى السعودية. هم بعيدون كل البعد عن الشارع ومثلهم أقسام التاريخ السعودي في الجامعات لابد أن لديهم مئات الرسائل العلمية التي تتناول أحداثا مهمة في السرد التاريخي للسعودية لكنها مغيبة تماما عن الواقع والمعاش.


أما بخصوص الجهود الفردية في مجال وضع سردية تاريخية، ففي بعض أعمال الدكتور سعد الصويان إشارات لما يمكن اعتباره سردية تاريخية للسعوديين.

لكن هذه الجهود الفردية لا تفي بالغرض، بل يجب على جهة ما تولي مهمة إنشاء سردية تاريخية تصهر السعودي من الرياض بالسعودي من جدة بالسعودي في الخرمة بالسعودي في الطائف بالسعودي في بريدة بالسعودي في حائل بالسعودي في القطيف بالسعودي في النماص بالسعودي في كل شبر من أرض الوطن.

أما طريقة وضع هذه السردية فهي بأن يولوا بعض الأحداث التاريخية أهمية أكثر من غيرها حتى لو كانت هذه الأحداث هامشية، فالسردية التاريخية ليست تزويرا للتاريخ بل هي تأويل له وشروحات مع أطناب في بعض المواضع واختصار لبعضها.

نحن كسعوديين نملك سردية تاريخية بالفعل لكنها سردية إسلامية تقدمنا كأحفاد للصحابة فقط؛ وهذا أمر عظيم بالتأكيد لكن يمكننا الإضافة عليه ليشعر المواطن بأنه «سعودي معاصر» أيضا.