-A +A
هيلة المشوح
لا أهوى الديباجات في مقالاتي وأفضل الطرح المباشر ولكن لي وقفة عرفان مع دولتنا في تقدير رجالها وحسب تجربتي الشخصية مع خادم الحرمين حين كان أميراً لمنطقة الرياض وغداة وفاة زوجي يرحمه الله حيث كان وأبناؤه أول المعزين والمواسين بموقف إنساني ورسمي لا يُنسى وهذا ديدن الأسرة المالكة من أبناء المؤسس ولا غرابة فوقفاتهم مع كل فئات المجتمع ورجال الوطن «بلا استثناء» يشهد لها القاصي والداني.

يؤرقني جداً حين يكون قادتنا بهذا الوفاء في حين أنه لم يبادر أي مسؤول في الدولة ولا الوزير المعني لجعل تكريم المبدعين في مجالاتهم من أولويات سياستنا الداخلية فلطالما سمعنا عن تكريم فلان بعد وفاته، وهذا لا يتفق إطلاقاً ومبدأ الوفاء والعرفان لمبدعينا من أدباء وشعراء ومفكرين وموظفين في كل القطاعات، فأتساءل دائماً لماذا لا يتم تكريم المبدعين وهم أحياء؛ بل وفي عز عطائهم وليس بعد أن يبلغوا من العمر عتيا. حتى أصبح لسان حال البعض أن لا يأتي ذلك اليوم الذي أُكرم فيه لارتباط هذا اليوم بالموت أو أرذل العمر في أحسن الأحوال وكأن المرض أو الموت يوقظنا من غفلتنا عن تقدير هؤلاء والاعتراف بعطائهم.


عندما اشتد المرض على الدكتور علي الوردي وبعد أن تجاوز الثمانين من عمره أرسلت له دعوة لتكريمه في أحد النوادي الأدبية أو الثقافية -وهو المؤرخ وعالم الاجتماع العراقي المعروف- فاعتذر بهذا البيت «لأبي فراس الحمداني»:

أَتَت وَحياض المَوت بَيني وَبَينَها

وَجادَت بِوصل حَيث لا يَنفَع الوَصل!

نعم يا وطن.. فلا بعد الموت تكريم، ولا بعد المرض عرفان، وسيكون من اللائق جداً أن يكرم المفكر والعالم والمبدع ورجل الدولة في أوج عطائهم كمحرك لتطور الوطن بتطور مبدعيه وتحفيزهم ودفعهم إلى الأمام، فاجعلوا التكريم مرتبطاً بالحياة لا بالموت.