-A +A
عبداللطيف الضويحي
إذا لم تكن الإدارة في مقدمة العمل وأمام العمل، تقوده في غمار التحديات وتفتح له نوافذ الفرص تخطيطا وتنفيذا وإبداعا، فنحن نتحدث عن بيروقراطية تصريف شؤون العمل وتسيير العمل كيفما جاء وبالحد الأدنى من التشغيل.

فهل الهدف من المهرجانات والمناسبات والفعاليات التي تقيمها الهيئات والمؤسسات والشركات في المواسم وخلال الإجازات والعطل هو فقط شغل وقت الفراغ؟


أتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي أن أحضر مهرجان الزيتون في منطقة الجوف، بالتزامن مع قضاء الإجازة مع الأهل هناك، وفي الحقيقة هي المرة الثالثة التي أزور هذا المهرجان خلال السنوات الأخيرة.

يمكن القول إن مهرجان الزيتون من أهم المناسبات في مناطق الشمال عموما إذا لم يكن أهمها على الإطلاق، من حيث الحضور المحلي وغير المحلي ومن حيث فكرة المهرجان وموضوعه ومنتجاته، لكن مهرجانات التسويق والتسوق فقاعات إذا لم تتجاوز مفهوم التسويق.

اقترحت في غير مقال بأن مهرجان الزيتون، يجب أن يرفع سقف أهدافه وأن يتخطى الجمهور المحلي وأن يتجاوز التسويق والتسوق إلى الارتقاء علميا وعمليا بزراعة الزيتون وأن ينهض بكافة المهن المرتبطة بصناعة وتجارة مشتقات الزيتون، والسبب ببساطة هو القيمة الحقيقية لهذا المنتج وضرورة اقتطاع حصة من السوق العالمي لصالح مزارعي ومنتجي الزيتون ومنتجاته في المنطقة.

يجب أن يتجاوز القائمون على هذا المهرجان الهدف الاحتفالي إلى ما هو أعمق وأهم للمزارعين والمنتجين. من المهم أن يقدم هذا المهرجان في كل دورة سنوية الجديد في مجال تحسين المنتجات وتطوير أساليب الزراعة وأدوات القطاف والعصر والتعليب وأساليب الاشتقاقات والتغليف، بما يكفل المنافسة العالمية. تمنيت أن أعرف تجربة تونس أو إيطاليا أو فرنسا في الزيتون؟ أين تجارب دول الزيتون في المهرجان؟

اقتصادات المعرفة تحتم إقامة مؤتمر عالمي سنوي للزيتون أو كل سنتين بالتزامن مع مهرجان الزيتون لتتاح الفرصة لمزارعي الزيتون ومنتجيه رفع معرفتهم بهذا المنتج، يجب أن ينتقل هذا المهرجان من الثقافة الاجتماعية إلى الثقافة الاقتصادية بأوسع نطاق. أصبح الاقتصاد اليوم هو مقياس النجاح والأرقام أصبحت هي الإيقاع الحقيقي للمستقبل، ومن لديه منتج مثل الزيتون يجب أن يفكر به من كل الأبعاد الاقتصادية التي تقلص أعداد البطالة وتقلص نسب الفقر، وفي نفس الوقت استثمار فرص الأسواق العالمية، فضلا عن السوق المحلي الذي لا يزال بعيدا كل البعد عن تلبية احتياجاته.

احتضان المنطقة لمهرجان الزيتون، يحتم حضورا علميا ملموسا لجامعة الجوف، التي أعتقد أن محور اهتمامها يفترض أن ينصب على اقتصادات المنطقة، كما هو المفترض في جامعات المناطق الأخرى في المملكة. فالقسم الزراعي في الجامعة مطلوب منه أن يتفاعل ليحسن المنتجات ويهتم بتصنيف أنواع الزيتون وأن يقدم مؤشرات وأن يبتكر أساليب زراعية أحدث وأفضل، وأن يبتكر وسائل عملية أكثر للتغلب على التحديات والصعوبات تخدم في رفع كفاية وكفاءة الإنتاج من الزيتون.

الصناديق الحكومية وفي مقدمها الصندوق الزراعي يجب أن تتعامل مع فرص الاستثمار في منتجات الزيتون من خلال تسهيلات وبرامج تمويلية خاصة للشباب والشابات ودعمهم بالدراسات اللازمة لذلك، خاصة أن نسبة البطالة في المنطقة هي الأعلى حسب ما أتذكر بين مناطق المملكة.

لا أفهم سببا يدفع الخطوط السعودية وخلال فترة مهرجان الزيتون أن تمنع المسافرين من شحن زيت الزيتون على طائراتها، حتى لو أن البريد السعودي هو المتسبب بذلك حسبما يشاع. لا يمكن للبريد السعودي أن يبحث عن نجاحه من خلال إفشال المؤسسات الأخرى إذا كان فعلا البريد هو السبب.

لا يمكن أن أفهم أن تتولى المهرجان وزارة الشؤون البلدية والقروية، ففاقد الشيء لا يعطيه. هذه الوزارة لم تنجح بعملها المناط بها فكيف يسند لها الإشراف على مهرجان يتطلب ديناميكية وفتح فرص عمل واستثمار وإحياء الاقتصاد، لكن الوزارة الأسوأ من وزارة البلديات في النظر لمهرجان الزيتون هي وزارة البيئة والمياه والزراعة، فقد كانت غائبة تماما ليس في مهرجان الزيتون فحسب، ولكنها غائبة عن الزراعة في المنطقة ككل، إن فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة في منطقة الجوف عديم الفائدة منذ زمن بعيد وأتخيل لم تم إقفال فرعها في الجوف هذا اليوم لن يشعر المزارعون بذلك وربما لن يسألوا عنها.

هناك ملاحظات إدارية وتسويقية وتنظيمية ومعرفية، على المهرجان، رغم أنه لايزال يحظى ببعض النجاحات الملموسة، هذه الملاحظات يجب أن ترصدها جهة مستقلة وتدرسها وتقدم لها الحلول وتضمن تذليل الصعوبات، فضلا عن التطوير المستمر لفكرة المهرجان في ضوء تطوير الزراعة والصناعة والاستثمار في الزيتون في منطقة الجوف.