-A +A
عبدالمحسن هلال
لفتني خبر «عكاظ» الاثنين الماضي إبعاد 39 ألف باكستاني خلال الأربعة أشهر الماضية، ذكرني بالحملات الأمنية للتفتيش عن العمالة غير القانونية التي خفت حماسها مع أن إيجابياتها لوحظت في شوارعنا ومدننا التي خلت من تجمعاتهم العشوائية المشبوهة، وهذا بدوره أعادني لإحصائية لدول مجلس التعاون الخليجي تذكر أن نسبة الأجانب للمواطنين العام 2015 كانت كالتالي: الكويت 69%، قطر 89%، عمان 46%، السعودية 33%، البحرين 52%، الإمارات 89%، وفي المجموع النهائي يتضح أن الوافدين يشكلون 50% من سكان الخليج، وهي نسب تنذر بأخطار كثيرة.

تذكروا أن هذه أرقام المسجلين رسميا، أما غيرهم من العمالة غير القانونية فلا شك أن أعدادهم كبيرة، وربما تكون أعلى نسبهم لدينا، تذكروا أيضا أن الإحصائية للعام 2015، ولا شك أن أعداد الوافدين المسجلين رسميا وغيرهم قد تزيد، فالاستقدام وتجارة التأشيرات في تزايد، والقطاع الخاص هو المستفيد الوحيد. عفوا ليس القطاع الخاص وحده، يشاركه الفعلة قطاعنا العام العتيد، فحسب إحصائية لوزارة الخدمة المدنية بتاريخ 4/4/ 1438هـ، يعمل بقطاعات الدولة المختلفة حوالى 67 ألف وافد، بعضهم في وظائف عادية لا تتطلب مهارة أو خبرة، فمثلا هناك 640 على سلم الموظفين العام، 85 على سلم المستخدمين، و42 على سلم التأمينات الاجتماعية.


اللهم لا حسد أن يستفيد القطاع الخاص، فهذا حقه، لكن هناك كلف عالية منظورة وغير منظورة لاستمرار فتح باب الاستقدام وترك العمالة غير القانونية فكلاهما مكلف اقتصاديا، يكفي تذكر النزف الاقتصادي التي يسببه الاقتصاد الموازي ونسبته الكبرى من العمالة غير القانونية، وتذكر تأثيرهما المتفاقم على نمو نسب البطالة بدل خفضها، تم فصل أكثر من 50 ألف سعودي خلال التسعة أشهر الأخيرة حسب تصريح عضو مجلس الشورى يناير الماضي، خلاف ما تحدثت عنه الصحف أخيرا من فصل جماعي لسعوديين في القطاع الخاص، وكل ما قدرت عليه وزارة العمل المطالبة بعدم الفصل الجماعي، ففهم أن لا بأس إن كان على مراحل وإن تراكم.

للمرة العاشرة أكرر لست ضد العمالة، بل أكن للحقيقيين منهم كل تقدير فقد شاركونا مشكورين أعباء التنمية، بيد أنه إضافة للكلفة الاقتصادية للاستقدام وتجارة التأشيرات هناك تكاليف أخرى اجتماعية وأمنية لا تقل خطورة يتحملها المواطن والوطن، ليس فقط تشويه سمعة البلد بانتشار الجريمة وتهديد السلم الأهلي، والضغط على قطاع الخدمات كالطرق والمستشفيات، بل بلغ التأثير العادات والتقاليد والثقافة السائدة. الإشكالية أن هذه التكاليف لا تدخل في حسابات السادة التجار، ولا تخفيها صدقاتهم التي يدعونها مساهمة اجتماعية. سؤالي، قبل أن تغطيني صفية، هل نأمل أن تتكفل جهة ما رصد هذه التكاليف المنظورة وغير المنظورة بتحميلها على المتسبب حماية للمجتمع من مفاسدها؟