-A +A
محمد أحمد الحساني
هذا عجز بيت شعر شهير، صدره يقول: «إذا رضيت عني كرام عشيرتي»، وهو بيت شعر حي لأنه ظل مئات السنوات يستشهد به في مواقف شتى يكون فيها إنسان ما بحاجة للاسترشاد به لتوضيح موقفه من عدم رضا بعض من حوله عن أفعاله ومواقفه وأقواله التي يرى أنها تصب في اتجاه الحق والمصلحة والخير، ولكنها لا ترضي فئة تمس تلك الأفعال أو المواقف أو الأقوال مصالحهم الخاصة، فتؤدي إلى إغضابهم من صاحبها ووصفه بأقذع الأوصاف والافتراء عليه ومحاولة إلحاق الأذى به بشتى الوسائل المتاحة لهم وبطرائق ميكافيلية تعتمد على أن غاياتهم الدنيئة ضده تبرر لهم استخدام جميع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة للنيل منه بقدر الإمكان، فيما يكون عامة من حوله يتفقون معه ويعلمون أنه يسعى لهدف خَيِّر فيكون محل رضى من قبلهم، فإذا بلغه رأي الفريقين فيه هتف قائلاً:

إذا رضيت عني كرام عشيرتي


فما زال غضباناً علي لئامها

ولا شك أن كل إنسان لديه رسالة في الحياة، فإن كانت رسالته بناءة وداعية إلى الحق والبر منددة بالظلم والشر، فليس من الفطنة أن يتوقع قبول جميع الناس لرسالته ولعمله ولمواقفه لمجرد أنها ذات مقاصد نبيلة ومشروعة؛ لأن الخير والشر موجودان في الأرض منذ أن خلقت الحياة والأحياء، فيكون للخير أنصار وللشر أنصار «قل كل يعمل على شاكلته» وقد يكون لأنصار الشر قوة وسطوة وقدرة على لي أعناق الحقائق والتلبيس على الناس بمساعدة ودعم من إبليس، وقد ينحاز لهم بعض الذين في قلوبهم مرض فيلمزون أنصار الخير في أقوالهم وأفعالهم ويرددون ما يروجه أنصار الشر ضدهم من افتراءات وبهتان عظيم، مشجعين بذلك إخوانهم في الشر على التمادي في باطلهم، وأن عليهم بذل ما في وسعهم من جاه ومال لوأد أصوات الخير حتى لا تؤثر على مصالحهم المادية ومكاسبهم الرخيصة، فإذا بلغ ذلك أنصار الخير قالوا: سلاماً، ومضوا نحو أهدافهم وغاياتهم البيضاء متجاهلين ما خلفهم من عواء قانعين بأن الكرام ممن حولهم راضون عن أعمالهم وأقوالهم الطيبة معتبرين أن عدم ارتياح اللئام لهم ولما قاموا به من خير وبر وصدق في القول والعمل أمر طبيعي لأن اللؤم يدفعهم لتبنى تلك المواقف المضادة للحق، فلا ينبغي أن تفت مواقف أهل الشر في عضد أهل الخير وإلا ساد البغاة وانحسرت المروءة وأظلم أفق الحياة!.